مرشد سياحي
Ipsef

كم طابقاً لديك؟   

كم طابقاً لديك؟   
كتابة: منيرة القحطاني

هل حلُمت أن تصنع لك طابقاً في يوما ما؟ وهل تعرف أن كل مفهوم تفهمه وتستخدمه سيبني لك طابقاً؟
فكم طابقاً تريد أن تحقق؟

 

تُبنى الطوابق عادة وفق نمط وخطه مدروسة ومرسومه ذات حسابات دقيقه جداً، فزياده ملّي واحد عن الآخر يُحدث فرق ويُخل بالتوازن ويهدد بسقوط البرج كما هي أبراج حياتنا، عندما تكتمل وتتوازن تصبح متينه شاهقه تتصف بالقوة والثبات وحتى تكتمل أبراج حياتك وحتى تصنع طابقك بنفسك انظر حول ذاتك اعط نفسك وقت للتأمل.

 

فماهي محتويات ومكنونات ذاتك؟ ومالذي بداخلها وكيف تم ومن أين أخذت كل ما فيه؟

 

لا تكن كالبالون تنتفخ وتكبر ومن الداخل فارغ هائل مهدد بالانفجار في اي وقت عندما تُدخل فيها ما لا ينفعها، لكنه يأخذ مساحة في عقلك وجسمك وصحتك ومهدد بالانخفاض والتقلص مع مرور الوقت عندما لا تقوم بتطوير ذاتك.

 

عندما تجتمع الاجزاء المناسبة تبني طابق متين تستطيع بناء فوقه عشرات الطوابق بنفس الفكرة مع اضافة ابداعات تضيف فائدة ولا تجلب ضرر. ولو تجاوزتَ مفهوم واحد أو حذفت جزءاً معين لن يكتمل طابقك.

 

وهل تساءلت عندما ترى أحدهم يشتري منتجاً كيف سيقوم بدفع قيمته وهو لا يعلم كيف يحسب ما معه هل يكفي أو يقل أو يزيد؟ وعندما علمت أنك تعرف للحساب تعرف الربح والخسارة تعرف الأوزان، المساحات تعرف الأطوال والمقاسات، وتعيش بها في حياتك، لو فقدتها أو فقدت المعرفة بها، واصبحت لا تعرف كيف تجمع وتطرح كيف تقيس وتحسب كيف كنت ستفعل أو تتعامل مع الاخرين؟

 

هي أيضا عندما يأخذ الخيّاط مقاسك بالدقة ماذا لو كان لا يعرف وأنت أيضا لا تعرف وأخذها على التقريب فأنت سوف تكون في لباس لا يعطيك حقك ولا يجعلك جميل في عينك قبل عيون الآخرين. فكم سوف تعدّل عليه أو كم سوف تخسر في ذلك؟

 

وعندما تشاهده يأخذ المقاسات ويسجل ويحسب تشعر أنك بذلت على لبسك ما يستحقه ويصبح وإن حدث خطأ غير محسوب فسيكون فعلياً غير محسوب وسيكون التعديل عليه أفضل بكثير من ذي قبل. وهو أيضا سيكون راضي عن عمله الذي قدمه لأنه بذل وتعلم وحصل على رضى الزبون.

 

لو كنت لا تعرف الأرقام، ولا تعرف حسابها، قيمتها، طريقتها، واستخدامها في حياتك كيف كنت ستفعل في اجزائك الباقية؟ تخيل أنك لا تميز العُملات النقدية ولا تستطيع معرفة مساحتك، وحجم مكانك، ولا تعرف قيمتك عند غيرك.

 

ربما لا نتعامل بالأرقام بشكل صريح لكنها تحمل نفس المعنى كمن يقول لك أنت نصف حياتي أي أنت تشكل 50% من حياته عندما تنظر للرقم تجده كبـير، فهل أنت تستحق أن تكون لأحدهم نصف حياته؟ أن يعيش هو نصفها وأنت تكمل نصفها الآخر.

 

هكذا يكون أثر “الرياضيات” في حياتنا

 

نحن لا نقول لك أن تحبها لكن اعلم أنها متصلة في حياتك وتعاملاتك. تقبل وجودها وتقبل محبيـــها فهم يرونها عالمهم وطموحهم مثل اي عالم تحبه وتعيش فيه وتستمتع به، هم مثلك تمام يرون في الرياضيات الشغف والحماس والتحدي فعليك أن تتقبل ميول واتجاهات غيرك واهتماماتهم.

 

نحن نتجه لعالم التطور والتكنولوجيا هل تريد الذهاب بنفس العقلية؟ ترفض التطور والتغيـــــير حتى في أسلوبك؟ تخيل أنك معلم أو متخصص فيــها وتبحر في عالمها وأرقامها وتعيش عالم التحدي والإثارة. كيف تريد وصفها للآخرين؟

 

فإن كنت لست معي لا تكن ضدي. إن كنت لا تريد، لا تمنع غيرك أن لم يعجبك محتواها، لم يناسبك، لم يرق لك فأنا لا انتظر أن تتغير قناعتك ووجهة نظرك، لكن اعلم أنه عالم له محبـــين يفوقون تصورك، يتعدون توقعك. إن لم تكن تريد أن تكون فرداً معنا فأنت لك طابقك الذي تبنيه من منظورك للحياة.

 

نبني في هذي الحياة عالمنا، نزرعه بأحلامنا، نسقيه بالمعرفة، نحميه بالصبر نقتلع منه السلبيات. فهل ترى أن كرهك لأمر معين أعطى لك نتيجة، أضاف لك معلومة، أو أزاح عنك ألم، أبعد منك هَم، هل يُحسّن منك أو يجعلك تتقدم وتنجز؟

 

حبنا وكرهنا للأمور منه الفطري ومنه المُقدر ومنه المكتسب

تحب عندما ترى فيه ما يعجبك يناسبك، يثير فيك الشغف والحماس يجعلك تشعر بوجودك. أحياناً تثيرك المادة فتحبــها، أو أحد ممن تحبــهم يحبها، أو يصادف أن تحبها من اسلوب وطريقه شرح المعلم لها. فكثيراً ما أحببنا مرحلة ومادة من حب معلمها ومن أسلوب شرحه وتفهيمه، يجعلك تكسب دافعية كبـــــيرة لحبها وحب مهنة التعليم.

 

وعليك كمعلم محب لمادتك أن تحرص على أن تنقل لغيرك هذا الحب بالأسلوب والطرق التدريسية والمهارات لتجعل الآخرين ينجذبون لما تقدم ويقدرون قيمته. فنحن نبني لنرتقي لنتعلم لنستمر في التطوير من أنفسنا. فأنا وأنت نريد أن نصل الى أهدافنا طموحاتنا وأحلامنا لكن علينا أن نعرف أن أمامنا طريق طويل وأيضا شاق يحتوي على عقبات وعثرات.

 

وعلينا أن نفكر دائما بمن هو المسؤول عن سبب هذا الكره وهذه النظرة الشاملة واسلوب التعميم الذي غطى على أهميتها.

 

أنا صنعت طابقي من أحلامي وطموحاتي وكل ما تعلمت.

فهل صنعت لك طابقا؟

 

 

كتابة:

منيرة القحطاني

 

الصورة من pexels.com

18 تعليقات

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

18 التعليقات

  • 𝕸.αℓαмяɪ
    أبريل 30, 2021, 5:16 ص

    أستاذه منيره ♡
    كتبتِ فأبدعت .. وعزفتِ فسحرتِ ..
    رآق لي حرفك واستهوتني تعابيرك ،
    وفقك الله وبارك فيك .

    الرد
  • رفعة
    أبريل 30, 2021, 5:30 ص

    بالفعل كم نحن بحاجه الى ان نعيد النظر في بناء طوابق حياتنا ..مقاله رائعه جدا استاذه منيرة يعطيك العافيه وبارك الله في جهودك ونفع الله بعلمك

    الرد
    • منيرة القحطاني @رفعة
      أبريل 30, 2021, 4:55 م

      شكراً لك 🌹

      الرد
  • محمد صالح العمري
    أبريل 30, 2021, 10:20 ص

    لاكسر الله لك قلماً
    حقيقة مقالة رائعة وجميلة سلم الفكر والروح التى كتبت هذه السطور الذهبية كم نحن في حاجه لهذالنتعلم ونستفيد ونعلمها الاجيال القادمة
    لك كل الشكر والتقدير استاذتنا الغالية منيرة القحطاني
    اخوك محمد العمري🌹🌹

    الرد
  • احمد
    أبريل 30, 2021, 6:41 م

    مبدعة كالعادة
    وإبداعك مستمد من عشقك للرياضيات

    الرد
    • منيرة القحطاني @احمد
      أبريل 30, 2021, 9:35 م

      شكراً لك 🌹

      الرد
  • مدحت سلام
    أبريل 30, 2021, 10:24 م

    بارك الله فيك أستاذتي الرقيقة دوما مميزة ودوما تميزي اي عمل واي مكان تتواجدي فيه بالموفقية وتحياتي لشخصكم النبيل

    الرد

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو