ليس هناك أدنى شك أو اختلاف بين المثقفين والمعلمين والتربوين من ذوي الاختصاص في المجال التعليمي أو التربوي أن التعليم الحضوري في المدارس أفضل وأنجح من التعليم عن بعد أو ما يسمى التعليم الإلكتروني E- distance learning ولكن بسبب جائحة كوفيد -19 التي ضربت جميع دول العالم في عام 2020، بدأ هذا المفهوم يتغير نحو إيجاد حلول لتفعيل عملية التعليم والتعلم عن بعد وعدم انقطاع الطالب عنها وأصبح من الضروري البحث عن طرق بديلة تساهم في استمرارية عملية التعليم مهما كانت صعوبة الظروف سواءً كانت ( صحية ،اقتصادية ، اجتماعية ….الخ).
ولأن التعليم مرتبط ارتباط كلي بالمراحل العمرية والسلوكية للمتعلم كان لابد من تدوير عجلة التعليم حتى لو كانت تسير ببطء فهي أفضل من توقفها تماما، وهذا يعزز الدور الأساسي الذي توليه المملكة العربية السعودية أهمية بالغة وهو التعليم، فهو ركن أساسي من أجل نهضة البلاد واقتصاد مزدهر مما جعل وزارة التعليم تنشئ منصة الكترونية ذات إمكانيات رائعة بأسلوب تقني حديث ومطور يطلق عليها (منصة مدرستي) مرتبطة ببرنامج مايكروسوفت تيمز، المنصة العالمية الشهيرة من شركة مايكروسفت أوفس Microsoft Office و التي توفر خصائص متنوعة بجودة عالية تشعر المعلم والطالب وولي الأمر أنهم في غرفة صفية تعليمية مشتركة.
ومن أجل إحداث تغيير ملموس وحقيقي في مفهوم التعليم الحديث في هذه المنصة بالنسبة للمعلم والطالب كان من الضروري توفيرأحدث الوسائل التعليمية المتطورة في أحلك الظروف والتي كانت تعصف بالعالم أجمع. فلذلك تم تدشين هذه المنصة المتطورة وبالرغم من الإمكانيات الجبارة التي أتاحتها وزارة التعليم في هذه المنصة إلا أنها جعلت من المعلم وولي الأمر في حيرة من أمرهم في كيفية إقناع الطالب وتمكينه بشكل جدي في التعلم من خلالها ورفع مستواه التحصيلي في المواد الأساسية (الرياضيات العلوم، اللغة العربية). فهذا لايمكن إلا إذا كان الطالب على ثقة تامة بهذه التقنية الجديدة عليه وعلى ولي الأمر والمعلم على حدٍ سواء.
وهذا ما وددت تسليط الضوء عليه من خلال هذه المقالة المتواضعة في المجلة التربوية الإلكترونية، فلهذا عزيزي ولي الأمر أضع بين يديك بعض النصائح الهامة التي لامستها وشعرت بها خلال فترة الجائحة وأثناء تقديم الدروس عبر هذا المنصة الرائعة ولكوني معلم وولي أمر في نفس الوقت فكان حرياً بي أن أضع هذه النقاط بين يديك لتحسين دافعية أبنائنا الطلاب وزيادة تحصيلهم الدراسي خلال التعلم عن بعد ومن أهمها:
1.التحدث بشكل مباشر وصريح مع الطالب قبل بداية اليوم الدراسي الأول وحتى وإن كان الطالب في الصف الأول فالطلاب مدركين ما يحدث من حولهم، ومحاولة غرس مفهوم التعليم وأهميته وفائدته لهم شخصيا قبل كل شيء مع شرح أسباب التعلّم عن بعد وأن هذا الأمر مؤقت وغير دائم.
2.غرس حب التعلم وتشجيعه عليه منذو الصغر وأن التعليم أمر جميل وممتع له ولك أيضا عزيزي ولي الأمر.
3.تهيئة الجو المناسب للتعلم وذلك من خلال تخصيص مكان معين للتعلم بعيدا عن غرفة النوم أو صالة المعيشة حيث الأهل مجتمعين وتخصيص طاولة، جهاز لوحي أو لابتوب، فالمكان له تأثير سحري على نفسية الطالب واستشعاره بأهمية التعليم حتى وإن كانت عن بعد، فإذا لم يستشعر الطالب أن المكان ملائم للتعلم يبدأ بالتشتت ومحاولة الهروب من التعلم.
4.التأكد من عدم جود مشتتات ذهنية لدى الطالب كالألوان والملصقات ذات الألوان الزاهية والجاذبة والأهم هو عدم وجود الألعاب التي يحبها الطالب وينجذب لها مما يضعف تركيزه وانتباهه.
5.ترك الطالب دون مراقبة أثناء سير العملية التعليمية وعدم مساعدته تقنيا وذلك من أجل إتقان التعامل مع البرامج أو التطبيقات التعليمية تجعله يشعر بالملل وعدم الرغبة بالتعلم، لا ننسى أن أولياء الأمور هم الموجهين في المنزل أثناء التعليم عن بعد حيث لا يمكن الاعتماد على الطفل / الطالب في المرحلة الابتدائية بشكل كامل.
6.جلوس ولي الأمر بجانب ابنه وهو ممسك بجواله أو منشغل بشيء آخر يعطي انطباع غير جيد لدى الطالب أن ما يقدم من معلومات عبر المنصة غير مهم لكون الوالدان منشغلان، فلا تستهين بذكاء طفلك.
7.تشجيع الطالب على المشاركة والتفاعل مع المعلم أثناء الشرح يكسب الطالب شعور بالانتماء لهذه العملية المهمة.
8.تجنب مساعدة الطالب في أداء مهامه التعليمية كالهمس في إذنه ونقل المعلومات وحل التدريبات عنه ومحاولة تصحيح الخطأ له لأنه سيعتمد عليك ويشعر أن وجوده غيرمهم لأنك دائما بجانبه وتساعده.
9.المعلم على علم أن الطالب المنصت له حضوريا بجميع حواسه الخمس أكثر تفاعلا وتركيزا معه من أن يكون عن بعد فهو يراعي الفروق الفردية في كلا الأحوال فلاتنزعج من المعلم في عدم إشراك ابنك في مهمة أو تدريب.
10.إكساب الطالب الشعور بأهمية مايقوم به وتنمية الثقة والتقدير للذات من خلال تعزيز مفهوم التعلم لديه وسيسهم ذلك في رفع مستوى الدافعية لديه.
11.التأكد من خلو الطالب من المشاكل الصحية كالنظر والتحدث والنطق السليم يكسبه ثقة أكثر ويسهل عليه انخراطه في التعلم عن بعد.
12.تعويد الطالب وتشجيعه على أداء مهام في وقت واحد كفتح كتاب المادة ومتابعة المعلم أثناء سير العملية التعليمية عن بعد فهذا يساعده على اكتساب مهارة تعدد المهام وهي من المهارات الأساسية في التعليم.
13.من الجميل إعطاء الطالب وقت مستقطع بين الحين والآخر. فمكوث الطالب أمام جهاز الكمبيوتر أو الإمساك بالجوال لفترة طويلة غير مستحسن ولا ينصح به من قبل الخبراء التربويين.
14.عزيزي ولي الأمر يجب أن تعلم أن الطفل حين يطلب منك المساعدة أو أن تحل مكانه في المتابعة فكن حريصا أن يكون الطالب هو المسؤول عما يحدث من تعليم، أنت موجه وليس مساعد له في التعليم.
15.استخدام الإثارة المستقطعة تعزز لدى الطالب الرغبة في مواصلة التعلم، مثلا يخصص كل عشر دقائق نشاط كالألعاب الإلكترونية المعززة لعملية التعلم.
16.توفير بعض المأكولات أو المشروبات بجانب الطالب البسكويت والكيك أو ماء وعصير فعند شعور الطالب بالجوع بفترة يبدأ بالملل والامتناع من التعلم.
17.مكافأة الطالب كتشجيع له بعد فترة على تقدمه والتزام وانضباطه على المنصة المدرسية الإلكترونية.
18.منح الطالب الثقة بالاعتماد على نفسه في الأداء والمتابعة مع المعلم أثناء التعليم عن بعد بين الفترة والأخرى حتى يفهم الطالب أن مايحدث هو له وليس لك.
19.بعد انتهاء الطالب من المنصة من المهم جدا الاستذكار مع الطالب كحل الواجبات والمراجعة في وقت آخر قبل اليوم التالي والتأكد من فهم معلومات المواد التي تم دراستها قبل الشروع في دراسة موضوعات اليوم التالي.
20.تجنب نقد ابنك ولومه والصراخ عليه بشكل متكرر، فهذا سيؤثر سلباً على نفسية الطالب وإصابته بالإحباط وخفض مستوى تحصيله ودافعيته للتعلم.
21.توقعاتك العالية لابنك بالضغط عليه لا تعني بالضرورة إنه طالب متفوق وذكي، فإذا كان يعاني من مشكلة يجب معالجتها، مثلا تتوقع أن يقرأ جملة مكونة من خمس كلمات بسرعة وهو لا يميز الحروف نطقاً ولاشكلاً. أو يجمع عدد مكون من ثلاث منازل وهو لا يعرف طريقة الجمع أو حتى قراءة الأرقام لفظاً أو كتابةً.
22.عدم دفع ابنك للاجتياز مع علمك التام بعدم تمكنه من إتقان أساسيات المواد الأساسية (الرياضيات- لغتي- العلوم) يعد خطأ كبير في حق ابنك الطالب.
23.قد تجد بعض الطلاب يقاوم ويصارع من أجل الهروب ويبكي ولايتلزم بالتعليمات مهما قدمت له من المعززات المعنوية والمادية، فعليك التحلي بالصبر، وحاول معه تطبيق ما ذكرته أعلاه فالتحسن سيتحقق تدريجيا.
24.تجنب المقارنة بينه وبين إخوته فهذا يجعله يحبط وينفر من التعليم لأن مستويات الذكاء بين الأخوة متفاوت وغير متساوي. فمن الأفضل عمل مسابقات وتحدي بينهم لتشجيعهم للتعلم مع بعض وزيادة فرصة رفع المستوى العلمي بينهم بدلاً من إحباطهم.
25.عملية التعلم هي عملية تراكمية وتعتمد على النظرية البنائية فتقديم المعلومات تكون تدريجيا. من الصعب إعطاء الطلاب كم كبير من المعلومات دفعة واحدة في مختلف المواد الدراسية.
إن ظهور حالة عدم الاهتمام واللامبالاة في أداء الواجبات والغياب المتكرر والتشتت وعدم التركيز أثناء شرح المعلم والشعور بالملل المتكرر والانشغال بأمور جانبية يكون نتيجة ضعف الرغبة لدى الطالب في التعلم ليس لأنه غير ذكي بل بالعكس تماما، وإليك معادلة التعلم سواءً كانت حضورية أو عن بعد:
دافعية عالية للتعلم+ تحصيل دراسي = تعلم جيد
وللوصول إلى تعلّم جيد لابد من رفع الدافعية للتعلّم أو ما يسمى بقابلية التعلم لزيادة تحصيل الطلاب دراسيا عن طريق التركيز على هذه النصائح التي جاءت نتيجة للملاحظات خلال فترة الجائحة واستخدام منصة مدرستي، ويجب أن تعلم عزيزي ولي الأمر أن الدافعية تكون حالة داخلية نفسية (وجدانية) للطالب عدم استشعاره بها تجعله لايرغب بتحقيق الهدف لأن السلوك معاكس لحالته الوجدانية فلا يمكن لطالب أن يبذل جهد وهو غير مهيأ نفسياً ومستمتع بما يقوم به لأنه سيكون وقتي وبمجرد ماينتهي الدافع ينتهي الأمر كليا.
استمرار الدافعية أمر ضروري لاستمرار التعلم.
كتابة:
محمد بن إبراهيم البوصبيح
معلم متقدم
Image from: pixabay.com
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *