على الرغم من أن التدريس عملية ذاتية تظهر فيها شخصية المعلم دوراً مهماً، ومع ذلك فوجود علم يعنى به ويقدم مبادئه وأهدافه العامة والخاصة وأسسه ونظرياته يجعلنا نعد المعلم لهيئة التدريس.
إذ يستند التدريس إلى أصول فلسفية واجتماعية ونفسية، ومن خلال إلمام المعلم بكل ذلك يستطيع أن يكون تصوراً أو منظوراً أو رؤية لكيفية تدريس هذه المادة وتعليمها بشكل فعال، لذلك سيتناول هذا المقال للمجلة التربوية الإلكترونية بعض المفاهيم الرئيسة في التدريس وإيجاد الفروق بينها.
مفاهيم التدريس والفرق بينها
إن التعليم هو عملية تفاعلية تنتقل فيها الخبرات والمعارف والمعلومات من ذهن المعلم إلى ذهن المتعلم، وهي عملية هدفها إيصال هذه المعلومات مباشرة للمتعلم. والتعليم لا يرتبط بوقت محدد، فمن أبسط الأمثلة هو تعليم قيادة السيارة، حيث يتعلم المتدرب من المدرب خبرته وطريقته في قيادة السيارة، وتنتهي مرحلة التعليم عندما يتقن المتدرب عملية قيادة السيارة وإن لم يتقنها يحتاج إلى وقت إضافي حتى يتقنها.
أما التعلم فهو سلوك شخصي يقوم به الفرد لكسب المعلومات والخبرات والمعرفة، فيستطيع من خلالها أداء عمل ما، فالمتعلم هنا هدفه هو التعلم وذلك عن طريق البحث عن الأدوات المناسبة التي تحقق المعلومات من خلال المدارس، والمعاهد، والكتب، والتدريب وغيرها من الأدوات التعليمية. أي يمكن القول إن التعلم له علاقة وطيدة بعملية التعليم، فالتعلم يحدث ضمن إطار المدارس والجامعات أو أي مكان تتوفر فيه شروط التعليم الأساسية، وتقوم عملية التعلم على دور المعلم في كيفية توصيل المعلومات والخبرات بشكل صحيح. لذا إذا تعثر المعلم في رسالته تعثرت عملية التعليم، وتعثر المتعلم في تعلمه والعكس صحيح، فالاثنان تربطهما علاقة وثيقة ينجح أحدها بنجاح الآخر.
يوضح السيد علي (2011) في “نظرية التدريس” أنها مجموعة من الافتراضات التربوية التي تشير إلى العلاقات المتوفرة بين نتائج التحصيل من جهة، وبيئة التعلم وخصائص المتعلمين من جهة أخرى. نظرية التدريس عملية تنفيذية، تنتهي ظاهرياً بتحقيق أهداف التعلم المنهجية، وفعلياً بتقويم المنهج ونتاجاته التعليمية. وقد تعددت التعريفات ولكن نجد أنها اختلفت حيث اعتبر بعض التربويين أنها حصيلة فكرية لدى المعلم والتي تكونت من خلال دراسته وخبرته العملية، بينما وصفها البعض بأنها مجموعة من الافتراضات التربوية التي توضح العلاقة بين عناصر العملية التعليمية، وهو ما تتفق معه الكاتبة. ومن الأمثلة على نظريات التدريس: نظرية ميرل، نظرية جانييه.
ومن المصطلحات التي تشكل لبساً لدى بعض التربويين: طريقة التدريس (Teaching method)، والاستراتيجية التدريسية (Teaching Strategy). ويمكن التفريق بينهما بأن طريقة التدريس كما عرفها الشافعي (2011) هي “مجموعة من الإجراءات، والممارسات، والأنشطة، والأساليب المختلفة التي يقوم بها المعلم أثناء الموقف التعليمي التعلمي، وتحدث بشكل منتظم ومتسلسل بقصد تحقيق الأهداف التدريسية المحددة سلفاً، وتتضمن عدداً من المهارات التدريسية”. بينما يعرفها السيد علي (2011) بأنها “مجموعة الأنشطة والإجراءات التي يقوم بها المعلم، وتظهر آثارها على منتج التعلم الذي يحققه المتعلمون”. حيث تتفق التعاريف السابقة على أن طريقة التدريس هي الإجراءات التي تساهم في تحقيق الأهداف التدريسية متضمنة الأنشطة التعليمية.
أما استراتيجية التدريس فهي خطة عمل عامة توضع لتحقيق أهداف معينة، وتبتغي تحقيق مرغوبيات غير مرغوب فيها، وتصمم في صورة خطوات إجرائية توضح لكل خطوة بدائل تسمح بالمرونة عند تنفيذ الاستراتيجية. وتتحول كل خطوة من الخطوات إلى تكييفات، أي إلى أساليب جزئية تفصيلية تتم في سياق مقصود في سبيل تحقيق الأهداف المحددة. أي أنها مجموعة قرارات يتخذها المعلم، وتعكس تلك القرارات في أثناء أفعال يؤديها المعلم والتلاميذ في المواقف التعليمية (الشافعي، 2011).
بينما يعرف الخليفة ومطارع (2015) استراتيجية التدريس بأنها “خطة بعيدة المدى، تتضمن مجموعة من الإجراءات الموصلة لتحقيق الأهداف وذلك في ضوء ما هو متاح من إمكانات، ثم تنظيم هذه الإجراءات في شكل خطة تحدد مسار أو سير عملية التنفيذ في الواقع العملي”.
من خلال العرض السابق لمفهوم استراتيجية التدريس وطريقة التدريس، نستطيع تحديد عدد من النقاط المهمة، وهي كالتالي:
– الاستراتيجية أعم وأشمل من الطريقة؛ فقد تضم الاستراتيجية أكثر من طريقة من طرائق التدريس، أما الطريقة فهي اختيار لتحقيق هدف محدد خلال موقف تعليمي واحد.
– طريقة التدريس عبارة عن جملة الإجراءات والأنشطة التي يقوم بها المعلم لتحقيق الأهداف، بينما تضم الاستراتيجية كل مكونات الموقف التدريسي من أهداف وطرائق ووسائل ومعينات تدريس وتقويم لنتائج التعلم. فهي تشمل كل تلك الإجراءات، ومن هنا فإن طريقة التدريس ليست سوى مكون من هذه المكونات.
أسلوب التدريس (Teaching Style) هو مصطلح تربوي يُعرف بأنه “الكيفية التي يتناول بها المعلم طريقة التدريس أثناء قيامه بعملية التدريس، أو هو الأسلوب الذي يتبعه المعلم في تنفيذ طريقة التدريس بصورة تختلف عن غيره من المعلمين الذين يستخدمون الطريقة نفسها، حيث يرتبط بصورة أساسية بخصوصية الشخصية للمعلم”. ونجد أن هناك اتفاقاً على أن أسلوب التدريس مرتبط بالمعلم الفرد وبشخصيته وذاتيته وخصوصية الشخصية. مثال ذلك أننا قد نجد المعلم (ب) يستخدم طريقة المحاضرة، والمعلم (ص) يستخدم أيضاً طريقة المحاضرة، ومع ذلك قد نجد فروقاً دالة في مستويات تحصيل تلاميذ كل منهما. وهذا يعني أن تلك الفروق يمكن أن تُعزى إلى أسلوب التدريس الذي يتبعه المعلم، ولا تُعزى إلى طريقة التدريس على اعتبار أن طرائق التدريس لها خصائصها، وظواهرها المحددة، والمتفق عليها.
مهارات التدريس (Teaching skills) تُعرف بأنها “مجموعة السلوكيات التدريسية الفعالة التي يظهرها المعلم في نشاطه التعليمي داخل غرفة الصف أو خارجها في شكل ممارسات لفظية أو غير لفظية تميز بعناصر السرعة والدقة في الأداء، وتيسر للعملية التعليمية تحقيق أهدافها المعرفية والمهارية والوجدانية”. ومن الأمثلة على مهارات التدريس: تهيئة المتعلم للدرس، شرح الدرس، استخدام الوسائل التعليمية، توجيه الأسئلة الصفية، إثارة الدافعية للتعلم، إدارة الفصل وضبطه، غلق الدرس، إلى غير ذلك من المهارات التدريسية المختلفة.
المراجع
– الخليفة، حسن جعفر. مطارع، ضياء الدين محمد (2015). استراتيجيات التدريس الفعال. الدمام: مكتبة المنتهي.
– الرباط، كبيرة شفيق. (2015). التوجهات الحديثة في المناهج وطرق التدريس. الجزء: المؤسسة العربية للعلوم والثقافة.
– زيتون، كمال عبد الحميد. (2003). التدريس نماذجه ومهاراته. القاهرة: عالم الكتب. ط 18.
– السيد علي، محمد. (2011). كفايات حديثة في المناهج وطرق التدريس. عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع. ط 19.
– السيد علي، محمد. (2011). موسوعة المصطلحات التربوية. عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع. ط 19.
– الشافعي. صبحية عبد الحميد علي. (2011). طرق التدريس واستراتيجيات التدريس. الرياض: شركة الرشد العالمية.
الصورة من موقع وزارة التعليم السعودية
كتابة: د. نوره أبو جلبه
دكتوراه في المناهج وطرق التدريس
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *