وردنا خبر عاجل!
لقد هاجر الطفل آدم إلى العالم الافتراضي تاركاً خلفه العالم الواقعي و أسرته و مدرسته و كل أحبته دون إذن مسبق!
لقد جذبه العيش مع غرباء من مختلف دول العالم بعضهم هائم على وجهه كحال آدم فهذا المكان أكثر تعقيداً من عقله البريئ والبعض الآخر متصيّد ماهر، عمله تصيّد أمثال آدم الهائمون صغاراً وكباراً!
حين يطرق أحد ما باب عالمه الإفتراضي تُسقِطه الفقاعة على أرض الواقع فيتحول لشخص غاضب لا يمكن التعامل معه -بصراحة- لا ألومه فقد أخرجوه عنوةً من عالمه الذي يقضي فيه عدداً متواصلاً من ساعات يومه! لقد رحل إلى هناك بسلاسة حتى أن أسرته لم تلحظ ذلك، لكن العودة منها تكدّر صفو الموائمة التي تكوّنت بقضاء الوقت “منتشياً “بكثرة التعرّض الجاذب لحواسه وهذا يفسّر مدى الخطر والأذى الذي سقط فيه هذا الطفل وقد وجب إعلان حالة طوارئ في المنزل بطلها “الوعي” الذي بثّته مدرسة آدم في اجتماع لأولياء الأمور تنفيذاً لبرنامج توعوي مكثّف وقد كان لتبادل الخبرات بين الأسر دوراً عظيماً في فاعليته وكذلك عرض لأهم المشاكل السلوكية الحاصلة من هذا التأثير وأعراضها.
لقد كان هذا بمثابة الناقوس الذي دقَّ لدى قطبيّ الأسرة (الأم/الأب) وإن كان متأخراً فلينقذا ما يمكن إنقاذه وسيكون أمامهم عمل جاد لإزالة العوالق التي نخرت ذهن ذلك الطفل ووصلت بتأثيرها لمزاجه وشخصيته وصحة جسده، بل قد يكونا بحاجة لمساعدة مختص ليرشدهما لما يستطيعان فعله بعد أن يقيّم الحالة.
لقد أيقظت انتباههم -سابقاً- صرخاته “الهيسترية” عند توجيهه للمذاكرة أو النوم وأنه حان وقت إغلاق الجهاز! لكن هذا الإنتباه صَرَفَته أفكار أخرى مفادها أنه يكفي أن يكون هادئاً طوال اليوم مع جهازه و هو مستمتع! أو أن هذا جيل الإنترنت فحتى المدرسة تحوّلت لهذا العالم مع جائحة كورونا! وهذه بحد ذاتها أفكار جاهلة لأن عالم الإنترنت والأجهزة الإلكترونية هي أحد الاختراعات التي أبدعها عقل الإنسان وجعلها وسائل لخدمة البشرية.
أما فيما يخص الجانب السلبي فهو وجد لمن يهيم دون وعي، إن اعتقاد البعض أنه بالإمكان استخدام فضاء الإنترنت كساحة ليلعب فيها الطفل هو اعتقاد غير مناسب بتاتاً فكإنما تترك طفلك يلعب مع غرباء كبار في الشارع ويصحبونه على مرأى من عينك ويُقِلّونَه في سيارتهم مبتعدين وأنت مطمئن لمجرد أن رأيته مسروراً باللعب معهم!
وكما هي ساحة الوصول لقاعات الدراسة الإفتراضية حيث ساحات العلم والعمل الجاد، هناك أيضاً ساحات للتصفيات السياسية وساحات للجماعات الإرهابية التي قد يكون أحدها منشغلاً مع ابنك المراهق ليضحك معه وقد يكون صديقه “السيبراني” على أحد شبكات التواصل الاجتماعي!
هل تعتقد أن الفكرة مبالغ فيها؟
حسناً.. لنتطرق لكتاب حرب اللايك Like War الذي تحدث فيه المؤلفان: (سينجر وبروكينغP.W.Singer and Emerson T.Brooking ) حول تسليح منصات التواصل الاجتماعي للحرب بين الدول، وأحد الأمثلة التي فصّل فيها هي حرب دولتي (روسيا وأمريكا) عبر استخدام هذه المنصات بطريقة ممنهجة للإضرار ببعضهم البعض كساحة حرب حديثة وشديدة التأثير عبر بث الأفكار في ذهن مرتادو هذه المنصات وإثارة الفتن والشغب في داخل الدولة الخصم. وقد ذكر وصفاً دقيقاً لقوة هذه المنصات حيث وصفها بالنظام العصبي الحديث وساحة المعركة.
ومع سهولة الوصول والتخفي والتنكّر فهل نستغرب إن استخدمها الإرهابيون لتسويق فكرهم الضال والشاذ؟! وهل سيفاجئوك إن كانوا قد سبقوك بالوصول لأبنائك المتسمّرون أمام هذه المنصات جلَّ وقتهم دون وعي؟!
مسؤوليتنا في المدارس أن نشد على أيدي بعضنا لتوعية هذا الجيل من الأطفال والمراهقين والقائمين عليهم لتربيتهم على الاستخدام الأمثل للأشياء. المدرسة ليست معنية بإصلاح الشرور الحاصلة في المجتمع بل مهمتها إصلاح شر”الجهل” لذا صار من الضروري عمل البرامج المكثّفة والموجهة للأسرة والطلاب في ذات الوقت وبمختلف المراحل الدراسية مع التركيز على التحديات والقضايا المرتبطة بتلك المراحل حيث يتم رفع مستوى المعرفة والمهارات التي تتطلبها وزرع القيم في نفوسهم التي تجعلهم يدافعون عنها بوعي.
كتابة: أمل طاهر الأسود
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *