aisc
saudistem

ماذا يريد الطلاب من المعلمين؟

ماذا يريد الطلاب من المعلمين؟
 محمد حسن البحيري

أسئلة جديرة بالتأمل

 

كنت أشرح ذات صباح طريقة فهم نص مكتوب باستخدام إحدى استراتيجيات فهم المقروء في مقرر اللغة الإنجليزية لطلاب الصف الثالث الثانوي. وبعد انتهاء الشرح وتكليف أحد الطلاب بالقراءة بدأ عليه الخجل والتردد والتلعثم والإحباط وعدم الرغبة في القراءة. فتبادر إلى ذهني سؤال وليد الموقف وهو: ماذا يريد الطلاب من المعلمين؟

 

جلست على الكرسي الموجود خلف طاولة المعلم وتحول تفكيري إلى أهمية الإجابة على هذا السؤال. فبوصفي معلماً أرغب من الطلاب الانتباه والاستذكار لرفع تحصيلهم الدراسي، وبالتالي تحقق الأهداف التعليمية للدرس والمقرر والمنهج؛

 

ولكن ماذا يريد الطلاب بالمقابل؟ سؤالٌ جديرٌ بالبحث سواء في التعليم العام أو العالي؛ فالإجابة عليه قد تكشف الجانب الآخر للعملية التعليمية، وفهم تفكير أحد ظواهر المنهج المهمة وهم الطلاب، وبالتالي المساعدة في اتخاذ قرارات تحسين وتطوير عمليتي التعليم والتعلم.

 

سارعت في نهاية اليوم بتصميم استبانة مفتوحة للإجابة على هذا السؤال هدفت لأخذ آراء جميع الطلاب في مختلف الصفوف الدراسية في المرحلة الثانوية بالمدرسة وكان سؤال الاستبانة: ماذا تريد من المعلمين من أجل رفع تحصيلك الدراسي؟، وتم توزيعها في اليوم التالي. وبعد جمع البيانات وتحليلها خرجت بعدد من المطالب، أشاركها في هذا المقال القصير للمجلة التربوية الإلكترونية، مع من يتصدون لبناء المناهج الدراسية وتصميمها والمعلمين والمحاضرين والمنفذين لعمليات التدريس والتربية في مختلف المراحل والتخصصات.

 

كان أول مطالب الطلاب هو رغبتهم بإظهار المعلمين الاحترام واللباقة والتصرف بما يليق بمكانتهم كقدوة أمام طلابهم، وأن يظهروا البهجة والسرور التي تنعكس بدورها على نفوس الطلاب وتحصيلهم الدراسي. وأتت الرغبة الثانية في تقليل المهمات الأدائية والبحوث المنزلية والاختبارات واستبدالها بمهمات ونشاطات دراسية ترفيهية داخل القاعات الدراسية. ويدعم واقعية هذا المطلب ما قاله الأب الروحي للتعليم الفنلندي باسي سالبيرج في أن سبب تفوق التعليم الفنلندي هو تخليه عن الواجبات والاختبارات ومحاسبة الطلاب والمعلمين، والتي وصفها بجراثيم التعليم العالمي.

 

ويرغب الطلاب في مطلبهم الثالث أن يبتعد المعلمون عن الجدية في التدريس واستخدام استراتيجيات تدريسية متنوعة ومبتكرة تناسب كل طالب في كل موضوع دراسي للوصول بهم لأفضل لحظات التعلم، وعدم استئثار المعلمين بكامل الوقت لصعوبة التركيز والجلوس لفترات زمنية طويلة مع وجود طالب الصعوبات والبطيء والمتأخر في التعلم. وهم يشيرون دون معرفة منهم لسقوط الانتباه، واختلاف الذكاءات لدى الطلاب كما ذكرت نظريتي الذكاءات المتعددة، والقبعات الست.

 

وطالب مجموعة من الطلاب في مطلبهم الرابع ابتكار نشاطات نوعية داخل القاعات الدراسية أو خارجها تساعد في إخراج ما لدى الطلاب من إبداع وابتكار حيث ذكروا أن بعض الطلاب لديهم طاقات إبداعية هائلة في مختلف المجالات وتنتظر من يكتشفها ويتيح لها الفرصة في البروز. وشدد بعضهم على ضرورة إبراز أسماء الطلاب المتميزين والمتفوقين كل أسبوع في اللوحات الإعلانية ومجتمعات التواصل الدراسي والثناء عليهم، وتكريمهم تحفيزاً لهم وتشجيعاً للبقية على التميز والاجتهاد. وهنا حضر ذلك السؤال المشهور لأحد التربويين الغربيين: “هل المدرسة تقتل الإبداع؟”.

 

وذكر عدد من الطلاب رغبتهم في الحضور والاستمتاع بالمدرسة، شرط وجود الجو التنافسي والترفيهي بين الطلاب من خلال إقامة البطولات التنافسية والترفيهية مثل: كرة القدم والطائرة والبلوت والكيرم وتنس الطاولة جنباً إلى جنب مع المنهج الرسمي.

 

وندعم في النهاية جميع ما ذكره الطلاب من مطالب تربوية واقعية أصيلة، وهي مشتركة بين غالبية الطلاب في مختلف المراحل الدراسية العام والعالي، وبحاجة للالتفات لها ووضعها في مبادرات تعليمية تضمن تنفيذها، وقولبتها في نماذج تعليمية مبتكرة قد يستفاد منها حتى خارج الحدود، ونرى أهمية ربط تعليمهم بجميع الأحداث الجارية على مختلف المستويات ما أمكن لكونهم جزء لا يتجزأ من هذا العالم. ونستشهد بالتعليم الياباني عندما أقنع طلابه بأنهم جزء من المجتمع الدولي لتبرير تعليمهم اللغة الإنجليزية.

 

الصورة من موقع وزارة التعليم 

 

 محمد حسن البحيري

باحث دكتوراة في المناهج وطرق التدريس

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو

ltexpo