مع اجتياح جائحة كورونا سارعت دول العالم لتطبيق أنماطاً متنوعة من التعليم الإلكتروني كبديل عن تعطل الدراسة الصفية، وتنوعت ردود الفعل لتقبُل فكرة التحول من أسلوب التعليم التقليدي إلى أسلوب التعلم الإلكتروني، لاسيما مع ما ظهر من تلك التجربة من مزايا فريدة وكذلك نواحي قصور.
ومع الإنخفاض المُبشر لأعداد الإصابات وبدء عودة الحياة بحذر، برغم عدم إعتماد علاج رسمي لـكيوفيد19، بدأ التفكير في تطبيق استراتيجيات تعليمية تجمع بين مزايا التعليم الصفي والتعليم الإلكتروني، وفي نفس الوقت تتلافى السلبيات الموجودة في كليهما.
ومن هنا ظهر بقوة فكرة تطبيق (التعليم المدمج) وهو ترجمة لمصطلح بالإنجليزية: Blended learning التي أطلقته شركة Epic عام 1999 لتصف طريقة اعتمادها على الحاسوب في برامجها التعليمية. ومع تطور الإنترنت، استخدم المصطلح ليصف طريقة اعتماد التكنولوجيا في التعليم العادي في الصف. وهناك العديد من الترجمات العربية للمصطلح منها “التعلم المزيج”، “التعلم الخليط”، “التعلم الموالف”، و”التعلم التمازجي” و”التعلم المهجن”.
فالتعليم المدمج هو مصطلح يتم استخدامه للتعبير عن التعليم الذي يجمع بين التعليم الإلكتروني والطرق التقليدية للتعليم لإنشاء منهجية جديدة في التعليم وتمثل هذه الطريقة تغيراً كبيراً في الأساليب الأساسية للتعليم، فهي مزيح بين التعليم الرقمي والمادي.
ويضم التعليم المدمج ثلاث عناصر:
أ. يتعلم الطالب جزئيًا من خلال الإنترنت، مع وجود بعض العناصر التي تسمح للطالب بالتحكم بالوقت والمكان السرعة.
ب. يتعلم الطالب جزئيًا في المدرسة بشكل يخضع للإشراف والمتابعة من إدارة المدرسة والمعلمين.
ج. ترتبط فيه جميع الأساليب المستخدمة في مسار العملية التعليمية الخاصة بكل طالب لتأمين تجربة تعليمية متكاملة.
ويمكن تنفيذ التعلم المدمج بـأربع نماذج :
أولاً: نموذج التدوير (Rotation Model)
يعتمد في آلية عمله على تقسيم وتوزيع التعلم على عدة محطات يتنقل الطالب بينهما ليثري ويُعزز معارفه ومهاراته حول موضوع الدرس تحقيقًا لأهدافه المنشودة (عاطف أبوحميد الشرمان، 2015، 71)
وينقسم نموذج التدوير إلى أربع مسارات هي:
أ.التدوير المتمركز (Station Rotation):
يسمى أيضًا تدوير الغرفة الصفية “Classroom Rotation”، وتدور آلية هذا النموذج على انتقال الطلاب عند دراستهم لموضوع ما بين محطات التعلم حسب جدول موضوع مسبقًا أو حسب إرشادات المعلم، على أن تشمل تلك المحطات محطة واحدة على الأقل تقدم التعلم عن طريق الإنترنت، في حين المحطات الأخرى تكون في شكل مجموعات نقاش، وتدريس صف ككل، ومجموعات لتنفيذ المشاريع، وتدريس المجموعات الصغيرة وحل الواجبات وغيرها، ويساعد هذا النموذج الطلاب على تطبيق المفاهيم والمهارات التي يكتسبونها (عاطف أبوحميد الشرمان، 2015، 72).
ب-التدوير المعملي (Lab Rotation) : نظام تعليمي يشبه نظام التدوير المتمركز(Station Rotation) ، مع إختلاف أن التعليم الإلكتروني يتم فيه في معامل(مختبرات) مخصصة تقنيا بالمدرسة يتم فيها من أجل التعلم الفردي.
جـ-التدوير الفردي (Individual Rotation).
يعتمد هذا النموذج في آلية عمله على أن يقوم المعلم بوضع جدول مناسب لكل طالب يحدد فيه المحطات المناسبة له في موضوع التعلم، بمعنى أن يتنقل الطالب من محطة إلى أخرى بشكل منفرد وليس ضمن مجموعة، وغير ملزم للطالب أن يمر على كل محطات التعلم ولكنه سيمر على المحطات التي تثري وتدعم موضوع التعلم وفقًا لقدراته واحتياجاته (Staker, H. & Horn, M., 2012, 11-12).
دـ- الفصل المعكوس (Flipped Classroom). هو أسلوب تعليمي في التدوير للمنهج الدراسي ويتم على مرحلتين :
الأولى: يشارك فيها الطلاب في التعلم عن بُعد خارج المؤسسة التعليمية بدلًا من الواجب المنزلي التقليدي. بحيث يحصل الطالب على المعرفة الأولى للمادة الدراسية .
الثانية: يلتحق فيها الطلاب بقاعات الدراسة من أجل تعليم مباشر وموجه من قبل المعلم.
يتم توصيل المحتوى والتعليم في هذا النموذج بشكل أساسي عن بُعد، وهذا ما يميز الفصل المعكوس عن الطلاب الذين يقومون بواجبهم المنزلي على الانترنت في المنزل ليلًا.
ويمكّن هذا النموذج المعلمين من استثمار وقت الفصل الدراسي لتقديم خبرات عميقة أكثر من مجرد تقديم المحاضرات التقليدية.
ثانياً: النموذج المرن (Flex model).
في هذا النموذج، يكون التعلم موجه ذاتيًا من الطلبة في بيئة إلكترونية يتم من خلالها تقديم المحتوى والأنشطة التعليمية ، ويمتلك الطالب في هذا النموذج درجة عالية من التحكم في عملية التعلم حيث يمكنه التعلم حسب الوتيرة التي يحددها لنفسه، ويقدم طاقم التدريس الدعم والإرشاد داخل المؤسسة التعليمية مثل :المجموعات الدراسية الصغيرة أو الدروس الفردية وغيرها، في إطار مرن يلبي احتياجات الطلبة أثناء تقدمهم في المنهج والمحتوى التعلمي.
ثالثاً: النموذج الإنتقائي(A La Carte model).
هو نظام تعليمي يأخذه الطلاب بالكامل على الانترنت مصحوبًا بتجارب أخرى يأخذها الطلاب في موقع المؤسسة التعليمية ، الأمر الذي يعطي للطلبة مستوى أكبر من المرونة لتصميم جداولهم. ويعد النموذج الانتقائي خيارًا مناسبًا عندما لا تستطيع المؤسسة التعليمية تقديم فرص تعلمية معينة أو لدراسة المواد الاختيارية.
رابعاً: النموذج الافتراضي المكثف (Enriched Virtual model ).
على العكس من نموذج التعليم المباشر (وجهًا -لوجه) المدعم بالتكنولوجيا، فإن التعلم الافتراضي عن بعد هو الأساس في هذا النموذج، وتحدث جميع الأنشطة المتوقعة في بيئة تعليمية إلكترونية، حيث تشمل هذه الأنشطة التعلم بمساعدة الأقران والقراءة والنشاط العملي والتعليم الموجه من قبل المعلم، ويتم التواصل والنقاش في هذا النموذج عبر التعليم عن بُعد، ولا تلغى الفصول التقليدية المباشرة في هذا النموذج فقد تستخدم المحاضرات/الجلسات الإضافية داخل المؤسسة التعليمية من أجل تقديم دعم إضافي كإقامة ورشات عمل.
المراجع العربية:
عاطف أبوحميد الشرمان (2015). النظرية في التدريس وترجمتها عمليًا، ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
المراجع الإجنبية:
- Horn and Staker. (2014). Blended: Using Disruptive Innovation to Improve Schools. Jossey-Bass. 7. Clayton Christensen Institute.
- Staker, H. & Horn, M. (2012). Classifying K-12 Blended Learning. Innosight Institute, PDF File retrieved 05/06/2015, Available at:
Photo from: originlearning
كتابة: إبراهيم صالح
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *