aisc
saudistem

الأشخاص ذوي الإعاقة وتكنولوجيا التعليم (1)

الأشخاص ذوي الإعاقة وتكنولوجيا التعليم (1)
د. وليد شعيب

تمثل قضية تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة وتأهيلهم تحديا حضاريا للأمم والمجتمعات؛ باعتبار أن المعاقين يمثلون نسبة لا تقل عن 10% من مجموع السكان على المستوى المحلي والدولي.

 

وتشكل هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة فاقدا تعليميا، يهدد الاقتصاد الوطني والعالمي، وطبقا للإحصائيات المعلنة من منظمة الصحة العالمية طبقاً لتقرير 2019 فإن عدد المعاقين في العالم يبلغ أكثر من مليار شخص حيث يشكلون نسبة 15٪ من سكان العالم تقريباً (أي شخص معاق من كل 7 أشخاص) وأكثر من 80% منهم في الدول النامية.

 

وتتمثل المشكلة الأكبر تتمثل في قلة عدد الذين يحصلون على الخدمات والرعاية منهم في الدول النامية، فهم يمثلون 9.1 % فقط من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث إن هذه الخدمات تحتاج إلى مؤسسات سواء أكانت حكومية أم غير حكومية، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة، كما يتطلب الأمر تدريباً لجميع المتعاملين معهم، مما يقتضي بضرورة التعاون والتكاتف الاجتماعي بين جميع الفئات في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ومحاولة إدخالهم في عملية التنمية بدلا من أن يكونوا عالة عليها.

 

الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة

تنبع ضرورة الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة من مبدأ تكافؤ الفرص والتعليم للجميع، كما أن الاهتمام بهم يساعد في دفع عجلة الاقتصاد وزيادة الدخل القومي، ويجب على المجتمع أن يساعدهم على أن يعيشوا حياتهم ويمارسون أنشطتهم، ومن ثم يجب استثمارها قوتهم وطاقتهم وتوظيفها بالشكل الصحيح.

 

مفهوم الأشخاص ذوي الإعاقة

كان ينُظر إلى الفرد من ذوي الإعاقة من جوانب ضعفه وقصوره فقط وتهمل جوانب قوته، ثم ظهر مصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو مصطلح ينظر لهم من جميع الجوانب، ويستغل نقاط قوتهم للتغلب على نقاط ضعفهم.

 

وإلى وقت قريب كان الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة محدوداً على جميع الأصعدة بصفة عامة وفي المجال التعليمي بصفة خاصة، فالمدارس والبيئات التعليمية غير مناسبة، ولا يتوافر فيها الوسائل التعليمية المناسبة لهم، ولا التجهيزات اللازمة، وبرامجهم التعليمية ومقرراتهم الدراسية غير مناسبة أيضا، والمعلمون غير مدربين بدرجة كافية. ولكن في الآونة الأخير بدأ الاهتمام بتلك الفئات، من قبل الهيئات الحكومية وغير الحكومية، وعقدت الندوات والمؤتمرات سواء أكانت محلية أم دولية.

 

تكنولوجيا تعليم وعلاقتها بالأشخاص ذوي الإعاقة

تعد تكنولوجيا التعليم من أهم المداخل لتصميم التعليم ومعالجة مشكلاته، لأنه يصمم عناصر منظومة التعليم واضعا في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في عمليتي التعليم والتعلم، بما يهدف إلى تحقيق تعلم فعال، ومن ثم تتجلى أهمية اتباع هذا المدخل في تصميم التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة لضمان مراعاة خصائص الأشخاص ذوي الإعاقة وحاجاتهم التعليمية ونوع الإعاقة وطبيعتها.

 

فالحاجة التعليمية في تكنولوجيا التعليم هي فجوة أو انحراف بين ما هو كائن (الوضع الراهن) وما ينبغي أن يكون (الوضع المرغوب)، وعلى ذلك يعرف ذوو الإعاقة بأهم الأفراد الذين ينحرفون عن المتوسط في جانب أو أكثر من جوانب الشخصية سواء أكان جسديا أم عقليا أم نفسيا أم اجتماعيا يحول بينهم وبين تحقيق التوازن والسلوك العادي، مما يترتب عليه عدم القدرة على متابعة الترتيبات المدرسية أو الخدمات التعليمية، وهذا يتطلب تعليمهم من خلال برامج خاصة متضمنة وسائل تكنولوجية ملائمة لهذه القدرات، ويمكن تصنيف الأشخاص ذوي الإعاقة إلى عدة فئات كما يلي: المكفوفين وضعاف البصر، والصم وضعاف السمع، والإعاقات الجسدية، الإعاقة الذهنية، وصعوبات التعلم .

 

 وتُعّرف تكنولوجيا تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة بأنها «النظرية والتطبيق في تصميم وتطوير واستخدام وإدارة وتقويم البرامج الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة لتيسير عملية التعليم والتعلم، والتعامل مع مصادر التعلم المتنوعة لإثراء خبراتهم وقدراتهم الشخصية».

وهناك العديد من المفاهيم والمصطلحات التي تنبثق من مفهوم تكنولوجيا تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن تلك المفاهيم مفهوم الوسائل التكنولوجية المعينة أو المساندة للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تعرف بأنها «أي مادة أو قطعة أو نظام منتج، أو شيء معدل أو مصنوع وفقا للطلب بهدف زيادة الكفاءة العلمية أو الوظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة».

 

ويتفق المتخصصون في هذا المجال على هذا التعريف الذي يشير إلى أن مسمى الوسائل التكنولوجية المعينة أو المساندة للأشخاص ذوي الإعاقة يشير إلى «كل أداة أو وسيلة معقدة أم غير معقدة يستخدمها معلمو التربية الخاصة بهدف شرح وتسهيل المادة التعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة». ومن هذه الوسائل: أجهزة الكمبيوتر الشخصية والبرامج الخاصة بها، والوسائل المعززة للتواصل الفردي والجماعي، والوسائل المعينة على التحكم في البيئة المحيطة، وأدوات وبرامج التسجيل، والعدسات المكبرة، والكتب المسجلة، وغيرها من الوسائل المخصصة التي تتناسب مع ظروف وخصائص كل إعاقة.

 

وظائف تكنولوجيا التعليم وأهميتها للأشخاص ذوي الإعاقة

ازدادت أهمية استخدام تكنولوجيا التعليم في الفترة القصيرة السابقة، وأصبحت تلعب الدور الرئيس في عمليتي التعليم والتعلم لكل المتعلمين سواء أكانوا من الأشخاص ذوي الإعاقة أم من غيرهم من الأشخاص العاديين، حيث تساعدهم في التغلب على كثير من العقبات التي تحول دون استقلالهم، كما أنها تيسر عملية تواصلهم الاجتماعي وترفع من مقدرتهم على اكتساب وتطبيق مهارات الحياة اليومية.

 

إن استخدام الوسائل التكنولوجية في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة لها العديد من الإيجابيات التي تعود عليهم في كثير من النواحي. فقد أثبتت عدة دراسات أن استخدام بعض الوسائل التعليمية كالكمبيوتر مثلا له دور كبير في خفض التوتر. حيث تتوفر فيها كثير من البرامج والألعاب الشيقة التي تدخل البهجة والسرور على نفوسهم، وبالتالي تخفف كثيرا من حدة التوتر والقلق النفسي لديهم، وبذلك يستخدم كثير من المعلمين هذه الوسيلة كمعزز إيجابي أو سلبي في تعديل سلوكهم. كما أثبتت أيضاً فعاليتها في علاج كثير من المشكلات السلوكية والنفسية للأشخاص ذوي الإعاقة، ومساهمتها في خفض سلوك النشاط الزائد وتحسن بعض السلوكيات المصاحبة له كتشتت الانتباه والاندفاعية وفرط الحركة.

 

يتضح مما سبق أن لتكنولوجيا التعليم دورا مهما في عمليتي تعليم وتعلم الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن ثم يجب أن يتعرف معلم التربية الخاصة عند تعليمه للأطفال الأشخاص ذوي الإعاقة على الدور المهم والكبير الذي تلعبه بمختلف أشكالها وأنواعها.

 

الصورة من موقع sciencenode.org

 

المراجع:

بوشیل وآخرون. (2004). الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة «الكتاب المرجعي لآباء الأطفال الأشخاص ذوي الإعاقة»، ترجمة كریمان بدير، القاهرة: عالم الكتب.

زينب محمد أمين (2003). دور التكنولوجيا الحديثة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، المؤتمر العلمي السنوي التاسع بالاشتراك مع جامعة حلوان 3-4 ديسمبر 2003، الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم، القاهرة، 87-90.

زینب محمد أمين (2008). تكنولوجيا التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، ط2، المنيا: دار التيسير للطباعة والنشر.

صبحي أحمد محمد سلیمان (2006). مقرر مقترح في تكنولوجيا التعليم للفئات الخاصة لطلاب شعبة تكنولوجيا التعليم بكليات التربية النوعية، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية – جامعة الأزهر.

منظمة الصحة العالمية (2019). التصنيف الدولي لتأدية الوظائف والعجز والصحة. تقرير.

https://elearningindustry.com/use-of-technology-in-special-education
https://www.researchgate.net/
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1319157813000347
 

كتابة: د. وليد شعيب

1 تعليق

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

1 التعليق

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو

ltexpo