مرشد سياحي
Ipsef

هل للمدرسة دور في التبول اللإرادي للطفل؟

هل للمدرسة دور في التبول اللإرادي للطفل؟
كتابة: سارة بنت فيصل البركاتي

التبول اللاإرادي أو ما يعرف باسم سلس البول الليلي هي مشكلة تظهر في كل ثقافة في العالم، وهي تؤثر على ما يقرب من 15٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 7 سنوات، كما أنها تصيب حوالي 4.8٪ من الأطفال في سن 11.

 

 وقد قُدر أن 7 ملايين طفل ومراهق في الولايات المتحدة يعانون حاليًا من مشكلة التبول اللاإرادي ، وهذا يعني أن هناك حاليًا ملايين الآباء الذين يربون طفلًا واحدًا على الأقل مصابًا بسلس البول، وهذا يتعين على الوالدين التعرف على الأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة وكيفية معالجتها والتقليل من آثارها النفسية على الطفل (Waaben, 2012).

 

وفي واقع المر ومن خلال ملاحظاتي المستمرة لأطفال المصابين بالتبول الإرادي ومن خلال اطلاعي على النشرات الخاصة بذلك فإنني أؤكد على أن هذه المشكلة من أكثر المشاكل حساسية بين الأطفال كونها تؤثر على نظرة الأطفال الآخرين الى المصابين وتؤثر على شخصيتهم وثقتهم بأنفسهم، وفي هذه المقالة المقتضبة، فإنني احاول إلقاء الضوء على تعريف التبول اللإرادي، وتاريخ مشكلة التبول اللاإرادي، والتعرف على أشكاله، والاثار النفسية لمشكلة التبول اللاإرادي، ودور الآباء والمدارس في حل هذه المشكلة.

 

ولسبب اهتمامي بموضوع التبول اللاإرادي، قمت بمراجعة تعريف التبول اللاإرادي، وقد تبين لي أن هناك العديد من التعريفات للتبول الارادي ولفت نظري تعريف “السلام” الذي يشير بأنه تكرار تصريف التبول لا إراديا بعد سن الثالثة، وهو غالبا ما يكون تبولا خلال الليل (تبول ليلي) وأحيانا أخرى يكون التبول اللاإرادي خلال النهار (تبول نهاري) (السلام، 2015).

 

ويعرف أنه تبول يحدث دون إرادة الطفل، كما يحدث على نحو متكرر أو في فترات متقطعة، وذلك بعد السن التي يسوي فيها الطفل السوي وظيفة التحكم في البول، ويحدث في العادة أثناء النوم ويصبح أمرا اعتياديا إن صح التعبير (براهيمي، ونجاري،2017).

 

ومن خلال هذه التعريفات وغيرها يمكنني تعريفه بأنه تبول لا إرادي متكرر خلال النهار أو الليل بعد بلوغ الطفل سنا يتوقع فيه ضبط المثانة، والحالة لا تعزى إلى اضطراب جسمي.

 

إن التبول اللاإرادي مشكلة تظهر في جميع الطبقات الاجتماعية وفي جميع الثقافات، وقد تم توثيقها على مر العصور، وقد تطور التبول اللاإرادي على مر العصور ويذكر أن في بردية إيبرس المصرية وهي واحدة من أقدم وثيقتين طبيتين محفوظتين في العالم، ويرجع تاريخهما إلى حوالي 1550 قبل الميلاد، يذكر أن الأطفال يواجهون مشاكل في الحفاظ على أسرتهم جافة في الليل، مما يوضح أن التبول اللاإرادي هو مشكلة يتعامل معها الأطفال والآباء منذ ما لا يقل عن 3500 عام.

 

هنالك مجموعة من الآثار النفسية المترتبة على مشكلة التبول اللاإرادي وهي (Stapp, 2015 ): انخفاض مستوى احترام الذات، قلة التحكم في النفس والمزاج، انخفاض مستوى التعلق الآمن، أيضا ظهور مستوى عال من  المشكلات السلوكية بين الأطفال المصابين بالتبول اللاإرادي مقارنة بالأطفال السويين، المعاناة من نوع من الاضطراب النفسي، الأطفال الذين يعانون من التبول لوحظ أنهم أقل نضجًا عاطفياً من غيرهم وانخفاض في مستوى الأداء التحصيلي لأطفال المصابين.

 

هل المدرسة لها دور في التبول اللاإرادي عند الطفل؟

إجابة الى ذلك أشار كاسيل ( 2013) كما ورد عن طبيب الاطفال الالماني مارتن تسلاسن إلى أنه غالباً ما يتغير الروتين اليومي لدى الأطفال عند التحاقهم بالمدرسة، حيث قد يؤدي إلى ظهور مشكلة التبول اللاإرادي أثناء  الليل لدى الطفل.  وبيّن تسلاسن – عضو الجمعية الألمانية للتحكم في التبول اللاإرادي- أنه عادة ما يرجع ذلك إلى تناول الطفل في الصف المدرسي كميات قليلة من المياه طوال فترات النهار، بينما يقوم بتعويض ذلك خلال فترات المساء، مما قد يقود إلى التبول اللاإرادي .وأضاف إلى ذلك أن إصابة الطفل بالتبول اللاإرادي الليلي عند الالتحاق بالمدرسة يمكن أن يعزى إلى اشمئزاز الطفل من حمام المدرسة، مما يمنعه من الذهاب إليه حتى وإن كان راغباً في ذلك. وحتى يتم التغلب على هذه العادة ينصح الالماني مارتن بعقد اتفاق من قبل الاب مع الطفل على كمية الماء التي يتناولها أثناء وجوده في المدرسة وموعد ذهابه إلى الحمام.

 

ومن خلال تجربتي الخاصة مع بعض الأطفال المصابين بالتبول اللاإرادي فقد لاحظت أن الكثير منهم يعانون من العزلة والبعد عن الأطفال الآخرين، وقلة تواصلهم الاجتماعي، ويتخوفون من النوم عند أحد الأقارب خوفا من حدوث عملية التبول اللاإرادي عندهم، كما أنهم يحاولون لفت نظر الآخرين من خلال المشكلات السلوكية التي يقومون بها، ومن زاوية اخرى يؤدي قرب الامتحانات الى حدوث خوف وقلق من قبل الاطفال يؤدي بهم الى حدوث عملية التبول اللاإرادي، فمن وجهة نظري الخاصة أن ذلك يتطلب تفهما من الآباء لكيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال للتخلص من هذه المشكلات، وعلى المعلمين مساعدة الاطفال المصابين والتعاطف معهم، ومساعدة الاسرة لحل هذه المشكلة.

 

ولقد تعددت أشكال التبول اللاإرادي ومنها (السلام، 2015):

-التبول اللاإرادي الأولى أو الأساسي: ويقصد به حالات التبول اللاإرادية التي بدأت مع الطفل بعد ولادته واستمرت إلى مرحلة متقدمة من عمره.

-التبول اللاإرادي الثانوي: تطلق هذه التسمية على الأطفال الذين تمكنوا من التحكم في التبول لفترة تتراوح ما بين (6-12) شهرا على الأقل ثم عادوا إلى التبول اللاإرادي فيما بعد.

-التبول اللإرادي الليلي- النهاري: وتطلق هذه التسمية على الأطفال الذين يتبولون لا إراديا في الليل والنهار وتصل نسبة التبول من هذا النوع إلى ما يقرب (15%).

-التبول اللاإرادي الليلي – النهاري: تطلق هذه التسمية على الأطفال الذين يتبولون لا إرادية في الليل و النهار، وتصل نسبة التبول من هذا النوع إلى ما يقرب (۱۰)%، وغالبا ما ترجع هذ الحالات إلى إصابة عضوية- عصبية، ويلعب العامل التربوي والنفسي والاجتماعي دورا هاما في حدوث هذه الحالات.

-التبول اللاإرادي غير المنتظم : وهي حالات متباعدة من التبول اللاإرادي، وهي نادرة جدا ترتبط بأحداث اليوم أو الليلة التي حدث فيها، وتختفي لتظهر بعد شهر، وقد يعود مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر أو أكثر أو أقل حسب الظروف.

-التبول اللاإرادي العرضي: وهي حالات تأتي للطفل صدفة يفاجأ بها الأهل، ومثل هذه الحالات لا تكون مزمنة، وهذه الحالات غالبا ما تحدث في ظروف حياتية معينة، كما في حالة الخوف الشديد لدى الطفل.

 

وبعد الاطلاع على هذه الأنواع والأشكال من التبول اللإرادي، تبين لي أن الطفل قد يصاب بواحد من هذه الأشكال دون سابق مقدمات فمثلا التبول اللإرادي العرضي قد يكون مفاجئا، وهذا يتطلب رعاية خاصة من الاهل واهتمام بالطفل منذ البداية وعرضه على اخصائي لمتابعته.

 

حيث ان تقع على الآباء مسؤوليات ومنها (علاج التبول اللاإرادي في سبع خطوات، 2019):

1.البعد عن عقاب الطفل.

2.عدم شرب كميات كبيرة من الماء قبل النوم.

3.شجع طفلك خاصة إذا كان مضطرباً، عليك التحلي بالصبر والتفهم حتى لو شعرت بالغضب.

4.اترك ضوءً خفيفا، فقد يساعد هذا الأطفال الذين يستيقظون عادة أثناء الليل في الذهاب إلى المرحاض أو تبديل ثياب النوم.

5.شجع الطفل أن ينام نوما هنيئا أثناء الليل، إذ أن النوم الهنيء دون تقطع هو الأفضل للطفل، استعمل البطانية الماصة حيث تضعها تحته للمحافظة على جفاف السرير والراحة.

6.دع طفلك يستحم أو يغتسل قبل السماح له بالذهاب إلى المدرسة إذ أن رائحة البول قوية جدا وتبقى لفترة طويلة مما يسبب الحرج للطفل ويؤدي إلى مشاكل أخرى كمضايقته ومعايرته في المدرسة.

7.حاول عدم تشجيع الطفل على شرب السوائل التي تحتوي على كافيين في المساء (مثلا مشروبات الشوكولاتة والكولا) وإذا تفاقمت مشكلة التبول في الفراش اتصل بطبيبك الذي قد يحيلك إلى الخدمات المختصة.

 

وفي نهاية هذه المقالة، فإنه ينبغي على الاباء الانتباه أنه إذا استمر طفلهم في التبول في الفراش إلى ما بعد سن السادسة أو السابعة، وإذا استمر الطفل في التبول اللاإرادي أثناء النهار، فإن هذا يعتبر مشكلة لا بد من معالجتها وعدم اهمالها حتى لا تتسبب في عواقب نفسية تضر بمستقبل الطفل، ويجب ألا يتردد الاباء في استشارة أخصائي نفسي في ذلك.

 

المراجع:

أولا: المراجع العربية:

براهيمي، سليمان و نجاري، جميلة. (2017). تقدير الذات لدى الطفل المتبول لاإراديا في مرحلة الطفولة المتأخرة (9-12) سنة دراسة عياديه لخمس حالات  ] رسالة ماستر، جامعة محنط اكلي البويرة ، كلية العلوم الاجتماعية[ . قوقل سكولر.

 

السلام، أمل. (2015). فاعلية برنامج سلوكي لمعالجة اضطراب التبول اللإرادي. دراسة شبه تجريبية لدى عينة من الأطفال المتمردين إلى المشافي الجامعية في دمشق  ]رسالة ماجستير, جامعة دمشق [. قوقل سكولر.

 

علاج التبول اللاإرادي عند الأطفال في 7 خطوات. (2019, يوليو28). تم الاسترجاع على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=7g66Z5hcgOM

 

كاسيل.( 2013, اغسطس 17). تغير الروتين اليومي للطفل يسبب التبول اللاإرادي. صحيفة الغد.

https://2u.pw/pKd3V

 

 

المراجع الأجنبية:

Koenraad, J., & Hoeck, V. (2008).The pathophysiology of bedwetting: Bladder, kidney or brain? [Doctoral dissertation, University Antwerpen]. ProQuest Dissertations and Theses Global.

 

Stapp, L. M. (2015). Parental personality domains and predicting the effectiveness of treatment for nocturnal enuresis [Doctoral dissertation, Walden University]. ProQuest Dissertations and Theses Global.

 

Waaben, Th. (2012). Raising A child with nocturnal enuresis: what helps and hinders parents [BA. Un puplished master thesis, University of British Columbia].  ProQuest Dissertations and Theses Global.

 

كتابة: سارة بنت فيصل البركاتي

 

Image from: pixabay.com

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو