بعد كل امتحان لا أؤدي فيه بشكل ممتاز، لا ألوم معلم المادة ولا صعوبة المادة ولا الوقت المتاح للمذاكرة. ألوم فقط طريقتي بالمذاكرة!
لا أكذب لو قلت أنني جربت 50 طريقة للمذاكرة على أمل أن تكون النتيجة درجة كاملة. فقد جربت أن أحفظ غيبًا وأن أربط الكلمات ببعضها وأن أتدرب كثيرًا وأن أمتحن نفسي وأن ألخص المنهج وأن أطلب من أمي طرح الأسئلة عليّ.
بدأت بطرح هذا السؤال على زميلاتي المتفوقات أملاً في أن أجد الطريقة المعجزة التي تساعدني على المذاكرة بنتيجة مبهرة، فكانت لهن عشرات الطرق بعضها ما يناسب المواد العلمية والأخرى الأدبية ومنها ما يتناسب مع طريقة أسئلة الامتحان ومنها ما يعود لذكاء الزميلة وقدرتها على الحفظ.
ومؤخرًا التقيت بصغيرات في الصف الخامس الابتدائي وسألتهن سؤالين:
كم ترتيبك على الصف؟
وكيف طريقتك بالمذاكرة؟
جميعهن أجمعن على تكرار “أولاً أحدد النقاط المهمة” ثم يبدأن بطرح الأساليب المختلفة كالتلخيص والاستعانة بأمي والترديد والكتابة، ولكن واحدة شدت انتباهي بقولها: باللعب!
تقول الطالبة بفخر: “أقوم بتجهيز ألعاب ورقية وأطلب من زميلاتي المتفوقات بالفصل اللعب معي وشرح النقاط الصعبة”. توقعت على هذه الطريقة المبتكرة أن تكون من الأوائل! ولكن فاجأتني بأنها ليست من أول عشرة طالبات في الفصل وأنها لم تجد بعد الطريقة المميزة للمذاكرة.
ومن الطرق المميزة حقًا في المذاكرة والقائمة على دراسة دقيقة لسلوك الطلاب الكترونيا: طريقة تطبيق اللغة الإنجليزية الشهير: دولينقو (Duolingo)، إذ تحتوي معظم الدروس في تطبيق دولينغو على سلسلة من التمارين التي تعلّم الطلاب كلمات ومفاهيم جديدة، ويضعون تمرين إضافي يأتي من جزء سابق من الدورة حيث يسمى هذا التمرين الإضافي “تمرين المراجعة”، ويتم استخدامه لقياس مدى تذكر الطلاب للدروس السابقة. إذا أجاب الطالب على تمرين المراجعة بشكل صحيح، فإنهم يستنتجون أنهم يتذكرون المادة؛ وإذا أجابوا خطأ فهذا يعني أن الطالب لم يستوعب المادة.
فكيف يمكن للمتعلمين تحسين تذكر المعلومة برأي علماء دولينغو؟
يكمل كل طالب دورة دولينغو بشكل مختلف لذلك عندما يجيب الطلاب على تمرين المراجعة، فهذا يعني أن الطالب جلب معه تاريخه الخاص حول مستواه وعدد القصص التي أكملها ومدى استمراره بالدراسة. بعدها يقوم فريق تقييم التعلم بفرز كل هذه البيانات لاكتشاف الأشياء المشتركة لدى جميع الطلاب الذين أجابوا على تمارين المراجعة بشكل صحيح وما هي سلوكيات الدراسة المشتركة بينهم. وتوصلوا الى عادتين رئيستين:
الأولى: “يرفعون مستوياتهم” ليصلوا للإتقان
تحتوي كل مهارة في دولينغو على عدد من المستويات، إذ يتعلم الطلاب نفس المادة في سياقات صعبة متزايدة. فقد يجعلك المستوى السهل تُطابق كلمة جديدة مع صورتها، ويطلب منك المستوى الصعب ترجمة جملة تحتوي على الكلمة الجديدة. مطلوب فقط المستوى الأول والأساسي لكل مهارة للانتقال إلى المهارة التالية، وهناك بعض الطلاب الذين لا يحاولوا أبدا المحتويات الأكثر تحديا. وقد أظهر بحث دولينغو إلى أنه عندما يدرس الطلاب المحتوى على مستويات أعلى، فمن الأرجح أن يتذكروه عندما يظهر في تمرين المراجعة.
حيث تم التحقق عبر مقارنة مجموعتين من الطلاب:
الطلاب الذين أكملوا المستوى الإضافي،
والطلاب الذين عادة ما يكملون المستوى الإضافي، لكنهم لم يفعلوا ذلك هذه المرة.
ومن المهم أن تظهر المجموعتان عادة نفس السلوك، لأن هذا يعني أن أي فرق بين المجموعات يمكن أن يعزى إلى هذا المستوى الإضافي.
وكان الطلاب الذين أكملوا المستوى الإضافي من المحتوى أكثر تعرضًا للإجابة على تمرين المراجعة لهذا المحتوى بشكل صحيح لاحقًا. على الرغم من أنه قد يكون من المغري التخطي إلى الأمام، إلا أنه يستحق قضاء الوقت للوصول إلى تلك المستويات العليا حيث سيتذكر مزيد من المعلومات على المدى الطويل.
الثاني: “يتقدمون إلى الأمام” من أجل التعزيز
عندما يقرر الطلاب التوقف عن دراسة مهارة معينة، يمكنهم إما اختيار العودة إلى مهارة سابقة أو بدء المهارة التالية. يعود بعض الطلاب إلى المهارات السابقة للمراجعة؛ والبعض الآخر حريص على الاستمرار في تنمية مفرداتهم في المهارة التالية. فكيف يؤثر هذا القرار على ذاكرتهم للمهارة الحالية؟
يشير تحليل دولينقو إلى أن المضي قدما إلى المهارات التالية في الدورة قد يساعد في تعزيز المفاهيم التي تم تعلمها مؤخرا. حيث أكمل الطلاب الذين أجابوا على تمارين المراجعة بشكل صحيح دروسا في المهارات التالية أكثر من الطلاب الذين أجابوا عليها بشكل غير صحيح. وهذا يشير إلى أن المهارات التالية تستخدم وتبني على المفاهيم المستفادة في المهارة الحالية.
وفي الوقت نفسه، لا يوجد فرق كبير بين تمارين المراجعة الصحيحة وغير الصحيحة عندما يتعلق الأمر بدراسة المهارات السابقة. وهذا منطقي حيث أن المهارات السابقة لا يمكن أن تعزز المفاهيم التي يتم تدريسها بعدها!
ومن الطرق التي ظهرت مؤخرًا في المراجعة ما قبل الاختبار: طريقة 2357 وهي مراجعة النقاط المهمة والملاحظات عبر جدول زمني، تبدأ من اليوم السابع قبل الاختبار ثم الخامس ثم الثالث ثم قبل الاختبار بيومين. وهذه الطريقة تساعد كثيرًا في حفظ المعلومات في الذاكرة طويلة المدى.
وقد ظهرت طريقة Study with me “الدراسة معي” على اليوتيوب عبر البثوث بحيث يثبت الطالب الكاميرا ويبدأ البث وهو يقوم بالمذاكرة، ويشاهد هذه البثوث الالاف الطلاب من الذين يقومون بالمذاكرة من خلف الشاشة. ووفقا لتاتيانا مالي إرجيلاسيف، عالمة نفسية ومعالجة التي تؤكد: “كان الطلاب في وقت سابق يختارون مكتبات الكلية أو الجامعة للدراسة، بسبب جو عملها الهادئ فالكثير الآن جاء في الواقع من الشعور بأن الجميع هناك لديهم نفس “المشكلة” في البحث عن الهدوء والجو العام الذي يساعد على التركيز. فكانوا يمرون بنفس النضالات، ويضعون الكثير من العمل…، فأجيال عام 2000 وما بعده لديها شعور متزايد بالوحدة والاغتراب وسوء الفهم. إذا سألتني، فإن ظاهرة “الدراسة معي” هذه هي طريقة “إبداعية للغاية للتغلب على عقبات الوحدة والمسافة الجسدية، حيث إنها تلبي الحاجة إلى الانتماء والاتصال الاجتماعي.”
ختامًا، أشعر بأن طريقة المذاكرة الصحيحة هي بقضاء وقت كافي وعدم إهمال المراجعة وجميع ما سبق من طرق هي عبارة عن استراتيجيات للاحتفاظ العميق بالمعلومات التي تمت دراستها والمتوقع أن تشتمل عليها أسئلة الاختبار.
المراجع
https://blog.duolingo.com/review-exercises-help-measure-learner-recall
Image by PremierCompanies from Pixabay
كتابة: خيرية القحطاني
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *