قد يصعب علينا معرفة تقديم أفضل دعم للطلاب، ولتجاوز هذه الصعوبة فقد تمّ ترسيخ نظريات بدائية ساذجة وغير مثبتة علميًا عمّا يساعد في تعليم الطلاب.
فاتجهت الآن العلوم المتعلقة بالتعليم والتعلم لدراسة واختبار هذه المعتقدات ليظهر لنا وبالدليل القاطع أن أكثر معتقداتنا عن المتعلمين خاطئة. تسببت هذه المفاهيم الخاطئة بضياع كثير من الوقت والجهد بل وبالتأثير على جودة تعلم الطلاب.
هناك ٣ خرافات أكثر انتشاراً سيتم الإشارة إليها في هذا المقال ودحضها بالأدلة المبنية على دراسات معتمدة.
الخرافة الأولى: كل طالب له نمطه الخاص بالتعلم
كثير من المعلمين يعتقدون ذلك، وأن تعلم الطالب يكون في أفضل حالاته عندما تتم عملية التعليم المتوافقة مع نمط التعلم الأنسب.
في الواقع، إن الطلاب لديهم تفضيلات بأمور التعلم والمعلومات عموماً، فمثلاً بعضهم يرى أنه بصري والآخر سمعي. هناك من يقوم بتنظير أنماط التعلم لأبعاد مجرّدة مثل: متعلم نشط، أو متأمل؛ متعلم تحليلي ومتعلم مبدع… كما أن هناك اختبارات غير علمية لا حصر لها تقيس ميول الطلاب وتحدد النمط المناسب لتعلّمهم! وقد يصل ببعض المدارس أن تشتري هذه الاختبارات حتى تصنف الطلاب وفق نتائجها. بالرغم من عدم وجود أي دليل على جدوى التعليم وفق نمط يفضله الطالب ويختاره بل على العكس هناك أبحاث تثبت أنها مضيعة للوقت ولا طائل منها.
المفهوم القائم على الأدلة: الطالب يتعلم ويتذكر ويطبق المعرفة بشكل أفضل لو تعرّض للعملية التعليمية بأنماط تعليمية مختلفة. معالجة المعلومات في أشكال متنوعة بما فيها الحواس، المحسوسات، والأمور المجردة، تنوع الأمثلة وتعدد الأنشطة، كل ذلك من شأنه أن يخلق ذاكرة تفصيلية من شأنها تعزز اكتساب المعرفة وتعميمها للذاكرة طويلة المدى.
ممارسات داخل الفصل: إن الطلاب الذين يتعلمون الكسور في الرياضيات عن طريق الرموز، والكلمات، الصور التوضيحية، والمسارات الحركية يتقنونها بشكل أفضل بكثير ممن تعلموها بنمط التعلم المفضل لهم والذي سيكون بطريقة واحدة. وأيضاً الطلاب الذين يتعلمون لغة اجنبية سيتقنونها بشكل أفضل في حال تنوع استخدامهم للحواس، كالاستماع والقراءة والكتابة والمشاهدة والتحدث في الواقع.
الخرافة الثانية: يجب أن توضع الاختبارات فقط لدعم وتقويم تعلم الطلاب
يعتقد المعلمين والطلاب أن الاختبارات شر لابد منه لعملية التقويم بكلا شكليه المستمر والنهائي.. ولكن المثبت بالأبحاث أن نتائج الاختبارات تعتبر مؤشر حقيقي لتمكن الطالب من تحقيق أهداف التعلم، علاوةً على ذلك أثبتت الاختبارات فوائدها المتعددة في كثير من الجوانب.
المفهوم القائم على الأدلة: عدد هائل من الأبحاث أثبتت أن الاختبارات تفعل أكثر بكثير من مجرد تعزيز الذاكرة: الاختبارات فعلياً تغير الذاكرة، وتجسّد شكلاً للذاكرة المسترجعة والتي من خلالها يتمكن الطلاب استرجاع المعلومات المطلوبة من ذاكرتهم طويلة المدى. إن استرجاع المعلومات من الذاكرة طويلة المدى يجعل هذه المعلومات مقاومة للنسيان في المستقبل. وفي الحقيقة أظهرت الدراسات أن كثرة التدريب والممارسة واسترجاع المعلومات هي أفضل الوسائل لحفظها على المدى الطويل، وتنظيمها، وتطبيقها، والوعي الذاتي لما تم تحقيقه من أهداف.
ممارسات داخل الفصل: بإمكان المعلمين أن يعززوا استرجاع المعلومات من خلال عدد كبير من الممارسات التربوية، مثال على ذلك تلخيص الدرس على شكل نقاط لكل ما يتذكرونه، تصميم خارطة مفاهيمية، حل سؤال تمهيدي له علاقة بدرس من الأسبوع الماضي كمثال، إجابة الأسئلة الموجودة في الكتب أو المدونة على السبورة، رسم توضيحي للأفكار الرئيسية… وغيرها من الأمثلة.
إن استرجاع المعلومات يطور تعليم الطلاب سواء كانت وسيلة استرجاع المعلومة من الاختبارات رسمية أم غير رسمية، سواء كانت بدرجات أم لا، سواء كانت بتغذية راجعة أو بدونها (ومع ذلك يفضل دائماً تزويدهم بالتغذية الراجعة) لكن ينبغي التأكيد على أن يتم استرجاع المعلومات من الذاكرة وليس من خلال اعادة القراءة، أو النسخ، أو التكرار. حتى نضمن استرجاع الطالب للمعلومات في المستقبل لابد أن نعزز من ممارساته لاسترجاعها في الوقت الحاضر. الممارسة هي ما تضمن ذلك.
الخرافة الثالثة: أن المفاهيم التي يسهل تعلمها، يسهل تذكرها
يؤمن كثير من المعلمين والطلاب أن سهولة وسرعة اكتساب المعلومات يعني حتمية انتقالها للذاكرة طويلة المدى. وبسبب انتشار هذا المعتقد عند كثير من المعلمين تتأثر اختيارات المعلمين للأنشطة والاستراتيجيات. ويفضل كثير من المتعلمين استخدام استراتيجيات معينة تسهل حصولهم على المعلومة مثل اعادة القراءة أو اعادة النسخ بدلاً من استرجاع المحتوى التعليمي بطريقة تضمن انتقال الخبرة المكتسبة للذاكرة طويلة المدى. إن عدم التنويع في طرق التعليم حتى في الخبرات البسيطة والسهلة لا يجعلها ذات أثر قوي وطويل.
مفهوم قائم على الأدلة: تشير الأبحاث أن الأساليب التي تسهل وتسرع اكتساب الخبرات التعليمية في نفس الوقت تسهل وتسرع عملية نسيانها.
ممارسات داخل الفصل: إن وجود صعوبات وتحديات أثناء عملية التعلم يسهم في تعزيز تذكر الطالب لهذه الخبرات لمدى أطول. وعملية إبطاء التعلم أيضاً تعزز التذكر.
إن إعطاء تعليمات وأنشطة متنوعة فيها درجات مناسبة من التعقيد والتحدي الهادف يسهم في عملية التعلم، كإعطاء أكثر من طريقة لحل مسألة رياضية أو إدراج جدول في ملف وورد وغيرها من الأمثلة. وحتى لا ينتج عن هذه الصعوبات والتحديات إحباط، ينبغي على المعلمين أن يوضحوا أن التعلم يأتي بأفضل النتائج بعد منافسة الذات وكأنك تصارع أفكارك لتنمو وتزدهر.
إن دعم الطلاب وتشجيعهم أمر شاق، ولذلك نخطئ أحيانا في اختيار الأفضل لضمان أفضل النتائج. لذلك تناولنا في هذا المقال ثلاث خرافات لتفنيدها بتوجهات قائمة على الأدلة حتى نستبدلها بما يحقق جودة وكفاءة التعلم.
المصدر:
https://www.edutopia.org/article/common-myths-learning/
Image from: freepik.com
ترجمة:
منى الزوين
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *