aisc
saudistem

قراءات في كتاب القيادة

قراءات في كتاب القيادة
إعداد: نورة عبدالله الأسمري

لمؤلف الكتاب: Keith Grint- وترجمة: حسين التلاوي

 

ذكر المؤلف أنه: في عصر المشكلات العالمية التي تنوعت بين المشكلات المالية والبيئية والدينية والاجتماعية والسياسية، ازداد الاهتمام بمفهوم القيادة وازدادت الدراسات والأبحاث التي تتناول هذا المفهوم، يرتبط مفهوم القيادة ارتباطا وثيقاً بجميع مناحي الحياة. وفي هذا الكتاب المختصر، يحاول المؤلف كيت جرينت تقديم إجابات مرضية للعديد من الأسئلة المتعلقة بهذا المفهوم؛ ومن بين تلك الأسئلة: ما هي القيادة؟ كيف يصبح المرء قائدا؟ هل نحن حقا بحاجة القيادة؟ هل ولد الإنسان قائدا؟ أم أنها سمة مكتسبة؟  ويلقي الكاتب الضوء على الطريقة التي تطورت بها القيادة عبر العصور والأزمنة، ويسلط الضوء على الأفكار الأولى في كتابات أفلاطون، وسون تزو، ومكيافيللي، وغيرهم، علاوة على ذلك، يبعث المؤلف، كيف يمكن للقوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أن تقوض أنماط القيادة، ويناقش مفهوم الإدارة وتاريخها ومستقبلها وتأثيرها على جميع جوانب المجتمع.

 

يوضح الكاتب “ما هي القيادة؟” أنه لا يوجد اتفاق عام على المعنى الأساسي لـ “القيادة”، لكنه يعترف بأننا بحاجة إلى معرفة التعريفات المختلفة لفهم حجج بعضنا البعض. وذكر المؤلف عناصر القيادة المشتركة، ومن ثم، يصبح أمامنا أربعة بدائل رئيسية هي القيادة باعتبارها: موقعا وظيفياً-شخصاً-نتيجة-عملية.

 

مفهوم القيادة:

أولاً: القيادة كموقع وظيفي: يمكن القول إن القيادة هي النشاط الذي يمارسه شخص ما يحتل موقعاً وظيفياً على هرم رأسي عادة ما يكون رسميّاً يتيح له الموارد اللازمة ليقود. إن القيود التي يفرضها ربط القيادة بموقع في تسلسل هرمي تتلاشى عندما ننتقل إلى النظر إلى القيادة من المقدمة، وهو منهج أفقي تكون فيه القيادة لا علاقة لها في الأساس بالتسلسل الهرمي، وعادة ما تكون مؤسسة بشكل غير رسمي من خلال شبكة أو هرم متغير يتسم بالمرونة والانسيابية.

 

ثانياً: القيادة القائمة على الشخص: شخصية القائد تحدد منهج السمات أو الكفاءات أو السلوكيات الجوهرية للقائد والتي تتوافق مع الكيفية التي تحقق بها المؤسسات أهدافها بحيث يكون مثل هذا المنهج مرتبطًا بالعلاقة العاطفية بين القائد وأتباعه أو بين القادة وبين الجماعة والتي تجعل هذه العلاقة دور قادة في إقناع زملائهم بالعمل بشكل مختلف أو بالعمل بكد أكثر أو بالتوقف عن العمل وهكذا.

 

ثالثاً: القيادة القائمة على النتائج: وهي القيادة التي تتبع المنهج المعتمد على النتائج حيث إنها تعتمد على ما حققه القائد من أهداف وغايات لمنظمة الأعمال، فتكافئ القائد بما يتناسب معه وتُرجع النتائج إلى ما قام به القادة، لهذا يمكن أن تشمل القيادة القائمة على النتائج أشخاصًا يتمتعون بشخصية فيحقق النتائج والغايات المرجوة.

 

رابعاً: القيادة القائمة على العملية: القادة يجب أن يكونوا قدوة، فالقيادة فن وبراعة وموهبة وهي أحد الأدوار الاستراتيجية للمديرين، حيث يجب أن يكون لديه القدرة على الإقناع والتأثير على الآخرين، وتتوافر به الخصائص والمهارات التي تمكنها من أداء الدور القيادي بفاعلية وكفاءة سواء داخل بيئة العمل أو خارجها، وإنجاز هذه الأعمال في مجملها بمهارة فائقة، كالتخطيط والتنظيم والتنسيق واتخاذ القرارات، والمهارات السيكولوجية والتي تتصل بفهم طبيعة القيادة الإيجابية والسلبية منها، والتي تمثل المفتاح الرئيسي لضمان تحقيق متطلب القيادة الماثل في القدرة على الإقناع والتأثير في الآخرين.

 

أنماط القيادة ذكر أن: النمط يتمثل في بندول يتأرجح بين نماذج القيادة المركزية واللامركزية، وهي النماذج التي ترتكز دائمًا على افتراضات عن التعلم المؤسسي ولعب الأدوار.

 

هل القيادة فطرية أم مكتسبة؟

قد يتساءل سائل: هل تعدُّ القيادة من الأمور الفطرية أم المكتسبة؟ ليس لدينا معلومات كافية للجزم بإحدى الإجابتين، لكن بإمكاننا توسيع نطاق الإجابة، فبدلًا من حصرها في الفطرة أو الاكتساب نضيف الجماعة والفرد، فربما يولد الشخص بغير استعداد فطري للقيادة كشخص عادي، ولكنه يتحول إلى استثنائي جراء بعض التجارب التي عاشها، فقد أصر توماس كارليل على أن القادة (الحقيقيين) الأبطال يولدون ولا يُصنعون، فهم لا يظهرون بسبب تأثير الثقافة المحيطة بهم أو التعليم، بل بسبب موهبتهم الخام (الفطرية) بجانب امتلاكهم إرادة السلطة، أي إنهم ولدوا ليكونوا قادة. ولكن في الحقيقة أساس هذه النظرة (وهو الوراثة) من الصعب جعله مقياسًا، فمن غير الممكن تقييم الناس قبل أن يتأثروا بطريقة نشأتهم.

 

كيف يقود القادة؟

يناقش المؤلف هنا أساليب القيادة باستخدام أمثلة من الأساليب السلوكية والأنماط المختلفة ونظريات الطوارئ المتنوعة، والتي تأخذ في الاعتبار أهمية السياق في تحديد الأسلوب الذي سيعمل بالفعل، بحيث تشمل النماذج التي تمت مناقشتها: القيادة الموجهة نحو الإنتاج، والقيادة الموجهة للموظفين، وشبكة بليك وموتون الإدارية، والقيادة الموجهة نحو المهام أو العلاقات التي وضعها فريد فيدلر، ونظرية القيادة الظرفية لهيرسي وبلانشارد، ونظرية التبادل بين القائد والعضو، ومسار روبرت هاوس نظرية الهدف والقيادة الكاريزمية. الاستنتاج هو أن سلوك القائد يجب أن يتطابق مع متطلبات التابع والخصائص الظرفية، ويجب عليه اختيار أسلوب سلوك القائد المناسب لمساعدة المتابعين على تحقيق أهدافهم.

 

صفات القادة: بنهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت نظريات السمات الأولى، حيث أشارت هذه النظرية إلى أن القادة يتمتعون بسمات أو صفات خاصة تميزهم عن غير القادة، ولخص هذه الصفات فيما يلي: الطلاقة في الحديث- والذكاء؛ بافتراض أن الفجوة بين القادة والأتباع ليست مفرطة الاتساع-روح المبادرة والاستعداد لتحمل المسئولية-الثقة بالنفس-حب الاختلاط بالآخرين.

وبما أننا نادرًا ما نمتلك دليلًا دامغًا على أن أفعال القادة تترك تأثيرًا على الأداء المؤسسي يمكن قياسه بموضوعية، سنواجه مشكلتين، المشكلة الأولى وهي هل اختبارات الكفاءة موضوعية، يمكننا أن نتأكد أن الموضوعية العلمية والثقافية لم تكن نقطة محورية في هذه الاختبارات. أما المشكلة الثانية السمات وهي ممتلكات لفرد.

 

وتطرق المؤلف إلى المناهج السلوكية (الأسلوبية)، حيث كان كيرت لوين، قد بدأ بمجموعة من التجارب لمعرفة هل سلوك القائد، فضلًا عن سماته، يصنع فارقاً في النجاح المؤسسي، وفي تجربة لوين استنتج ان أتباع القادة (الأتباع) يخضعون بشكل عام للقادة المستبدين، عندما يكون هؤلاء القادة موجودين، ولكنهم يتجنبون العمل عندما يغيب القادة. وعلى النقيض، فإن القادة الذين يتبنون منهج عدم التدخل يحصلون على قليل من العمل من الاتباع سواء أكان هؤلاء القادة حاضرين أم غائبين، بينما يستطيع القادة الديمقراطيون جعل نصف هؤلاء الأتباع يعملون بشكل منتج سواء أكانوا القادة موجودين أم لا. وفي النهاية، تمثلت النتيجة النهائية للتجربة في أن القادة الديمقراطيين يولدون أعلى مستوى من الرضا بين الأتباع، ولكن من الملاحظ أن الأتباع الأكثر إنتاجية هم الذين يعملون تحت إكراه القادة المستبدين.

 

وفي الوقت هذا قامت الكثير من الدراسات حول جدل الانقسام بين الإنتاج والرضا، وظهرت نتائج هذه الدراسات ومن أهمها دراسات جامعة ميتشجن إلى أن القادة إما «يركزون على الإنتاج»؛ حيث يعتبرون الأتباع ضمن عناصر الإنتاج، أي يرونهم وسيلة تؤدي إلى غاية، وإما «يركزون على الموظفين»؛ حيث يرون الأتباع موردًا رئيسيًّا، وبدأت بعدها تظهر النظرية الاحتمالية وهو الوقت الذي بدأت تنتشر فيه الشبكة الإدارية، حيث انتقل التركيز من اختيار الأسلوب عن طريق القادة (المهمة أو الأشخاص) إلى أهمية السياق في تحديد أي أسلوب سينجح، وبدأ في هذه النظرية فريد فيدلر وافترض أن القادة إما توجههم المهمة أو العلاقة ولا يمكن أن يتغيروا، ولكن فعالية التوجه تعتمد على نوعية الموقف.

 

وأشارت النظرية الموقفية لهيرسي وبلانشارد إلى تعدد المتغيرات في القيادة، وكذلك أن القادة لا يستطيعون أن يأملوا في أن يتعاملوا مع هذا المستوى العالي من التعقيد، ومن هذه النظرية وجد أن القادة يجب أن يركزوا على المتغير الأهم الذي هو علاقة القائد بالأتباع لأنه إذا قرر الأتباع ألا يتبعوا القائد، فليس لأي شيء آخر قيمة. ونتيجة لما سبق وجدوا أن سلوك القائد ينبغي تعديله وفقًا لمستوى نضج الأتباع، الذي يتغير بمرور الوقت ويميل لأن يتبع المسار الآتي: غير قادر وغير راغب، الأقل نضجًا: أسلوب القيادة يستند إلى الأوامر/التوجيه-غير قادر، ولكن راغب: أسلوب قيادة يستند إلى الإقناع/التوجيه-قادر، ولكن غير راغب: أسلوب قيادة يستند إلى المشاركة/الدعم-قادر وراغب، الأكثر نضجًا: أسلوب قيادة يستند إلى التفويض.

 

الأنماط الأربعة لسلوك القائد

من الجدير بالذكر احتمالية أن يكون أكثر مناهج نظرية الاحتمالية تعقيدًا هو المنهج الذي يرتبط بنظرية المسار، وهنا تتمثل مهمة القائد في تسهيل مسار الأتباع نحو الهدف الجماعي عن طريق إزالة العقبات ونشر الحماس، ومن هنا ظهرت أنماط سلوك القائد الأربعة وهي:

أ. القادة الموجِّهون، الذين ينقلون التوقعات ويطلبون اتباع القواعد من أجل إنهاء العمل المحدد بوقت لتحقيق معايير الأداء المطلوبة.

ب. القادة الداعمون، الذين يظهرون اهتمامًا بحاجات الأتباع ورفاهيتهم ويخلقون مناخًا يظهر الدعم ويولد الاحترام المتبادل.

ج. القادة المشاركون، الذين يشركون الأتباع في سلطة اتخاذ القرار.

د. القادة المعنيون بالإنجازات، الذين يضعون أهدافًا تمثل تحديات ويتوقعون مستويات عالية للغاية من الأداء.

 

من جهة أخرى فإن تأثير القائد يتوقف على مجموعتين من المتغيرات، الأول: بيئة العمل (الموقف) بما يشمل بنية المهمة ومجموعة العمل، ونظام السلطة، والأخرى؛ الأتباع بما يشمل مستوى قدراتهم (وإدراك هذه القدرات)، وتوجهاتهم نحو فكرة السلطوية وحاجتهم للانتماء، وحاجتهم إلى بنية هيكلية، وموقعهم من المنظومة.

 

من ثم ظهرت القيادة بالكاريزما هي «موهبة أو قدرة فطرية» وأصلها الاشتقاقي نابع من الكلمة الإغريقية Kharisma، من kharis: «النعمة الإلهية» أو «المنة». في الواقع، يستخدم معظم الأشخاص هذا اللفظ الآن ليشير إلى شخص استثنائي يمتلك سمات أو قدرة تؤثر في أعداد كبيرة من الأشخاص أو تلهمهم، ويقال أنه هناك ثلاث سلطات، أول سلطة السلطة التقليدية عندما يتبع الأتباع القائد؛ لأنهم دائمًا ما يفعلون ذلك، وربما أبلغ مثال على هؤلاء يتمثل في أتباع الملوك، وهناك السلطة القانونية الرشيدة، المعروفة باسم البيروقراطية، التي يتبع فيها الأتباع القادة؛ لأنه من المعقول من وجهة نظرهم أن يفعلوا ذلك، لا لأنهم دأبوا على فعل هذا، والسلطة الثالثة هي سلطة الكاريزما التي لها قدرة متفردة على جذب الأتباع الذين يكونون متفانين لقوى الشخص الفائقة التي يبدو أنها توفر احتمالات حلول جذرية وغير معروفة حتى الآن لأزمة اجتماعية من نوع ما.

 

هل يمكننا الاستغناء عن القادة؟

يأخذ المؤلف في عين الاعتبار ما إذا كانت القيادة هي جانب غير ضروري من المجتمع أو المنظمة أم لا، أو إذا كان يجب توزيعها، ويخلص إلى أننا بحاجة إلى التركيز على آليات محاسبة القادة الفرديين والجماعيين وإيجاد مواطنة أكثر مسؤولية تكون أكثر استعدادًا للانخراط في أعمال القيادة. يجب علينا أيضًا قبول القيادة التعاونية حيث يجب على أعضاء الجماعة أن يأذنوا لبعضهم البعض بالقيادة لأن الجماعات تشتهر بأنها فقيرة في صنع القرار. وأما في القرن الحادي والعشرون فكان من الأفضل للعالم أن يلجأ للقيادة التعاونية بأنظمة حكمٍ ملائمة أكثر، وهو ما يجعلنا نقول إنه من الصعوبة بمكان العيش دون قيادة، إما بسبب الطبيعة المقدسة لها أو بسبب الكيفية التي تنسق بها الحياة الاجتماعية.

 

إعداد:

نورة عبدالله الأسمري

 

 

Image from: pixabay.com

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو

ltexpo