مرشد سياحي
ltespo

سلوك الطلاب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد

سلوك الطلاب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد
كتابة: بشاير الحربي

إن تجربة التعليم عن بعد التي نطبقها بسبب جائحة كورونا هي بيئة خصبة للقيام بالأبحاث التربوية، فعلى الرغم من وفرة الأبحاث التربوية على مستوى العالم التي تناولت التعليم عن بعد ومميزاته، إلا أنها لن تكون بفاعلية التجربة الحقيقية التي نعيشها حاليا.

 

 

فعملية التعليم عن بعد قد أظهرت العديد من الجوانب التي لابد من دراستها ومناقشتها، كضرورة إتقان المعلم للبرامج التقنية، والبحث عن استراتيجيات وطرق للتدريس فعالة في التعليم عن بعد وغيرها من الموضوعات، وقد كثرت المقالات والنقاشات عن التعليم عن بعد وكيف يمكن تقديمه، بل وكثرت الدورات التدريبية المقدمة للمعلمين في كيفية التعامل مع هذه النوع من التعليم، وغيرها من الإجراءات لهدف رفع مستوى التعليم في كافة الأحوال.

 

إلا أن من أهم النقاط التي لابد من البحث فيها دراسة سلوك الطلاب في هذا النوع من التعليم، فتجربة الأشهر الماضية كانت كفيلة بملاحظة سلوك الطلاب ودراستها والبحث عن طرق لرفع الدافعية لدى الطلاب وتعزيزها، فما كان يقدم في الفصول التقليدية التي تتطلب حضور الطالب مختلف عن الحضور عن بعد.

 

فسلوك الطلاب هو مصدر قلق كبير للمعلمين، بل قد يكون حتى همهم الأول، حيث كان من الصعب إدارة الاضطرابات عندما يكون الطلاب في نفس الغرفة، فكيف يمكن الحفاظ على النظام وخلق بيئة تعليمية داعمة عندما لا نستطيع حتى رؤيتهم (Lisciandrello,2021).

 

والملاحظ أن الطالب في هذا النوع من التعليم هو المسؤول عن عملية تعلمه بدرجة كبيرة على عكس التعليم الحضوري، فهو المطالب بنفسه بحضور الحصة ومتابعة الدروس، والتعامل مع التقنية بنفسه، وحرصه على الأمانة وعدم الغش وجميعها تقع على عائقه بسبب البعد المكاني بينه وبين المعلم.

 

ومن خلال عملي كمعلمة وعمل العديد من زميلات المهنة ومقارنة بين سلوك الطالبات الاتي تم تدريسهن في السابق حضوري وبين تدريسهم عن بعد، فقد لوحظت بعض السلوكيات عليهن.

 

فمعرفة سلوك الطالبات في التعليم الحضوري سابقا قد يكون متطلب لمعرفة كيف هي طريقة التعامل المناسبة مع الطالبات خلال التعليم عن بعد، ويكون من خلال الاستفادة من التجربة السابقة في التدريس أو سؤال المعلمات اللاتي سبق لهن تدريس الطالبات حتى يمكن ملاحظة وتعزيز السلوك الجيد ومعالجة الضعف لدى الطالبات.

 

فمثلا قد لوحظ على الطالبات اللاتي يعانين من الرهاب الاجتماعي أو قلة وصعوبة تكوين الصداقات في فترة التعليم الحضوري تغير كبير في سلوكهن للأفضل، فابتعادهن عن الضغط الاجتماعي وملاحظة المقربين لهن أصبحت معدومة، بل إن مستوياتهن في تقدم مستمر، لاسيما إذا تم تعزيز هذا التقدم من قبل المعلمة، ويمكن المحافظة عليه باستخدام طرق تدريس أو تقنيات تعليم تساعدهم على المشاركة في العملية التعليمية التي تقدم لهن مساحة للتعبير والشرح دون خوف أو مراقبة من حولهم.

 

وكذلك بالنسبة للطالبات اللاتي يزيد نشاطهن ويصعب ضبطهن في الحصص أيام التعليم الحضوري لوجودهن برفقة زميلاتهن، فقد لوحظ تغير كبير وإيجابي في سلوكهن خلال التعليم عن بعد، فبقائهن بمفردهن كان له الأثر الأكبر في زيادة انتاجيتهن دون تشتيت من زميلاتهن المقربات، وبالطبع فإن تعزيز السلوك الإيجابي لهن من قبل المعلمة ساعد في استمرارهن على هذا المستوى المتقدم.

 

إلا أن هناك مجموعة من الطالبات انخفضت مستوياتهن كثيرا خلال هذه الفترة مقارنة بفترة التعليم الحضوري، ويكمن السبب أن هذه المجموعة من الطالبات ترتفع مستوياتهن خلال التعليم التعاوني برفقة زميلاتهن في الفصل، وهنا فعلى المعلمة مراعاة هذا الجانب وتقديم بعض الأنشطة الجماعية وغرف التعليم التعاوني المصغرة لمساعدة هؤلاء الطالبات.

 

إلا أنه وكما ذكر في الأعلى فإن مسؤولية تعلم الطالب تقع على عاتقه بشكل كبير، فإنه قد لوحظ نسبة لا بأس بها من قلة حضور الطالبات وأداء المهام الدراسية المطلوبة منهن، بل وانعدام التجاوب من البعض، وقد يكون السبب الحقيقي هو أن مفهوم التعليم لدى الطلاب عبارة عن تحصيل الدرجات من الاختبارات، حيث كانت الاختبارات لها النصيب الأكبر من مجموع الدرجات في التعليم الحضوري، وفي حالة الحصول على درجة كاملة فإن الطالب يظن أنه يستحق الدرجات الكاملة في كامل أنشطة المادة – حسب توقعه-، وعلى العكس في التعليم عن بعد الذي تم به تقليل الدرجات عن الاختبارات، ولكن لازلت الفكرة كما هي لدى الطلاب، وهذا الشيء زرع الثقة والاطمئنان لديهم مما كان له الأثر السلبي في قلة التفاعل.

 

وعليه فإن التعليم عن بعد ليس مجرد تغيير في أسلوب عملية التعليم من تعليم بشكل حضوري ومباشر إلى تعليم عن بعد، بل هي عملية تفاعل والتزام وبناء لشخصية الطلاب وتحملهم المسئولية، فالتفاعل مع الأنشطة والقيام بالمهام الأدائية لها دور كبير في تنمية مهارات الطلاب، وعليه فلابد من دراسة وإلقاء الضوء على سلوك الطلاب لكي يتم تحليلها ومعالجتها والبحث عن طرق وتفاعل لتعزيز وتنمية روح التفاعل وتحمل المسؤولية وتنمية الرقابة الذاتية لدى الطلاب.

 

المراجع:

Lisciandrello, J.(2020). Online Classroom Management: Five Tips for Making the Shift.

https://roomtodiscover.com/online-classroom-management/

Photo by Vlada Karpovich from Pexels

 

 

 

  

 

 

 

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو