منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1932، وحتى اليوم، شكَّل التعليم أحد أهم ركائز بناء الدولة الحديثة، وتحوَّل من نظام تقليدي محدود إلى منظومة متكاملة تواكب التطورات العالمية، وتُعدُّ الأجيال لقيادة مستقبل واعد في ظل رؤية 2030.
المرحلة التأسيسية (1932–1953): بدايات التعليم النظامي
قبل توحيد المملكة، اعتمد التعليم على الكتاتيب والمدارس الدينية التي تُعنى بتعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة. ومع قيام الدولة السعودية الحديثة، بدأ الاهتمام الرسمي بالتعليم كأداة لبناء المواطن وتنمية المجتمع.
في عام 1926، أُنشئت مديرية المعارف، التي مهَّدت لظهور التعليم النظامي، وافتُتحت أولى المدارس الحكومية في مكة المكرمة والمدن الكبرى.
– ركَّزت المناهج في هذه الفترة على العلوم الشرعية واللغة العربية، مع إدخال مواد مثل الحساب والتاريخ.
مرحلة التوسع والهيكلة (1953–2000): تأسيس البنية التحتية
شهدت المملكة طفرة تعليمية مع إنشاء وزارة المعارف عام 1953، وتوسيع مظلة التعليم لتشمل جميع المناطق.
أولاً: التعليم العام:
– زاد عدد المدارس بشكل ملحوظ، ووصلت الخدمة التعليمية إلى المناطق النائية.
– في عام 1960، أُقرَّ التعليم الرسمي للبنات تحت إشراف الرئاسة العامة لتعليم البنات، مما مثَّل نقلة اجتماعية كبرى.
ثانياً: التعليم العالي:
– تأسست أول جامعة سعودية عام 1957 (جامعة الملك سعود بالرياض)، تلاها إنشاء جامعات كبرى مثل جامعة الملك عبدالعزيز بجدة (1967) وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1974).
– بدأت المملكة في إرسال البعثات التعليمية إلى الخارج لسد احتياجات سوق العمل من الكوادر المتخصصة.
ثالثاً: التعليم الفني:
– أُنشئت المعاهد المهنية والفنية في السبعينيات والثمانينيات لتأهيل الشباب في مجالات الصناعة والزراعة.
مرحلة التحول الرقمي والجودة (2000–2015): نحو تعليم حديث
مع دخول الألفية الثالثة، دخل التعليم السعودي عصر التحديث، مدعوماً بزيادة الميزانيات وتوجيه القيادة نحو الابتكار:
– إطلاق مشروع تطوير التعليم (2007) لتحسين المناهج وتدريب المعلمين.
– دمج التكنولوجيا في الفصول الدراسية عبر مشاريع مثل الكتاب التفاعلي والسبورة الذكية.
– إنشاء هيئة تقويم التعليم والتدريب (2014) لضمان جودة المخرجات التعليمية.
رؤية 2030: تعليم يبني المستقبل (2016–اليوم)
تحت مظلة رؤية 2030، أصبح التعليم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة واقتصاد معرفي متنوع.
- مناهج متطورة:
– إدخال مواد مثل البرمجة والذكاء الاصطناعي، والتركيز على مهارات التفكير النقدي والإبداع.
– تعزيز تعليم اللغة الإنجليزية والعلوم التطبيقية.
- التعليم الرقمي:
– خلال جائحة كوفيد-19، أثبتت منصة مدرستي كفاءة التعليم عن بُعد، لتصبح نموذجاً يُحتذى به.
– توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في العملية التعليمية.
- تمكين المرأة:
– ارتفعت نسبة الإناث في الجامعات إلى أكثر من 50%، مع فتح تخصصات كانت حكراً على الذكور سابقاً، مثل الهندسة والقانون.
– حصلت السعودية على مراكز متقدمة في مؤشرات تمكين المرأة التعليمية عالمياً.
حققت المملكة قفزات غير مسبوقة:
– ارتفاع نسبة القيد في التعليم الأساسي إلى 98%.
– دخول 6 جامعات سعودية تصنيف **QS** العالمي لأفضل جامعات العالم (2023).
– تصنيف السعودية ضمن أفضل 10 دول في مؤشر التعليم عن بُعد (2022).
الخاتمة: تعليم واعد لمستقبل طموح
من الكتاتيب إلى الفصول الافتراضية، تمثل رحلة التعليم في السعودية قصة نجاح لتحول مجتمعي شمل الجميع. اليوم، تُكرس المملكة جهودها لبناء نظام تعليمي يرتقي بالإنسان، ويحقق أحلام الأجيال، ويسهم في تحويل الاقتصاد إلى نموذج معرفي تنافسي، تماشياً مع شعار رؤية 2030: “وطن طموح.. شعب طموح”.
الصورة من: abouther.com
كتابة: رزانة الألمعية
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *