حتى يكون المجتمع سعيداً؛ لابد للمؤسسات سواء كانت حكومية أم خاصةـ تربوية أو إدارية، أن تتحمل مسئوليتها تجاه تلك المجتمعات، فتتخذ كافة المبادرات اللازمة لتحقيق سعادة المجتمع وإشباع احتياجات أفراده.
ويقصد بالمسئولية المجتمعية التزام المؤسسة أيَاً كانت تجاه المجتمع الذي تعيش فيه من خلال البرامج والأنشطة والخدمات التي تسهم في تنميته وحل مشكلاته وقدرته على مواجهة تحديات الثورة المعلوماتية. وتعد المسئولية المجتمعية نشاطاً مرتبطاً ببعدين أساسيين: أحدهما داخلي يتمثل في إسهام المؤسسة في تطوير العاملين وتحسين حياتهم، والآخر خارجي يتمثل في مبادرات المؤسسة في التدخل لمعالجة المشكلات التي يعاني منها المجتمع. وهذه البُعدين تنطبق على المؤسسات التعليمية والتربوية كما تنطبق على جميع المؤسسات الأخرى.
أبعاد المسئولية المجتمعية:
توجد ثلاثة أبعاد رئيسية للمسئولية المجتمعية، وهي: الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية:
أولاً: البعد الاقتصادي:
إن البعد الاقتصادي للمسئولية المجتمعية لا يشير إلى الربح، وإنما يقصد به الالتزام بممارسات أخلاقية داخل المؤسسات كالحوكمة وما تحويه من مبادئ متعددة.
ثانياً: البعد الاجتماعي:
لابد للمؤسسة أن تسهم في تحقيق رفاهية المجتمع الذي تعمل فيه، وتحسين ورعاية شؤون الموظفين بها.
ثالثاً: البعد البيئي:
يشير هذا البعد إلى واجب المؤسسة في تحقيق التوازن مع علاقتها بالبيئة من خلال التأكيد على الوصول إلى أقصى قدر من الكفاءة والإنتاجية للموارد، وتقليل الممارسات ذات الأثر السلبي على هذه الموارد.
المسئولية المجتمعية وسعادة الموظفين:
المسئولية المجتمعية هي نهج إداري تضمّنه المؤسسات في خططها الاستراتيجية، ويؤدي ذلك إلى نجاح عملي مستدام. فكيف تؤدي المسئولية المجتمعية إلى إسعاد الموظفين بها؟
إن البعد الاجتماعي في المسئولية المجتمعية يتضمن تحقيق العدالة، وحقوق الموظفين، والسعي نحو رفاهيتهم وتلبية احتياجاتهم، بالإضافة إلى أنها تتمتع بنظام حوكمة يضمن الشفافية وتفعيل الرقابة. مما يضمن محاربة الفساد والمحافظة على الحقوق، وقد أثبتت الدراسات أن الموظفين يفضلون العمل في المؤسسات التي تلتزم بقيمها، ولديها سياسات واضحة في إدارة الموارد البشرية بها.
كما أن المؤسسة المسئولة مجتمعياً تعمل على تحفيز موظفيها، وتشجعهم على خدمة البيئة والمجتمع من خلال تطبيق الممارسات الخضراء، والمشاركة في المبادرات المجتمعية، والحفاظ على الموارد واستثمارها بالشكل الأمثل.
إن العوامل التي تساهم في تحقيق الرضا الوظيفي هي نفسها التي يفترض أن تحقق السعادة المهنية؛ فبيئة العمل الإيجابية بجوانبها المادية والمعنوية توفر الأجواء التي تحقق الرضا الوظيفي الذي تغير مسماه إلى السعادة المهنية.
وكلما حرصت المؤسسة على سعادة موظفيها ازدادت حماستهم، وحبهم للعمل، وولائهم، وتحليهم بالطاقة الإيجابية، وزيادة مستوى الرضا لديهم. وبالتالي تكون المؤسسة قادرة على تحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها المنشودة.
تطبيق المسئولية المجتمعية بالمؤسسات:
حتى تتمكن المؤسسة من تفعيل مفهوم المسئولية المجتمعية لديها؛ يجب تصميم إطار تنظيمي متكامل، يستوعب كافة مناحي تطبيق المفهوم، ويعمل على تحقيق التكامل بين جميع المجالات الاقتصادية والمجتمعية والبيئية، ابتداءاً من مجلس الإدارة ووصولاً إلى موظفي الصفوف الأمامية أو من الإدارة العامة للتعليم وحتى المعلمين. ومن هذه الإجراءات ما يلي:
1- إنشاء قطاع خاص بالمسئولية المجتمعية على مستوى القيادة العليا يقوم بوضع استراتيجية شاملة، وإعداد المعايير وتوفير المؤشرات، وتغيير الهياكل والتنظيمات، وإصدار اللوائح والتشريعات.
2- تنمية ثقافة تنظيمية تدعم الحوار والتعاون والمشاركة والالتزام بالمسئولية تجاه أعضاء المجتمع داخلياً وخارجياً.
3- بناء كوادر مؤهلة ومدربة للقيام بالمسئولية المجتمعية وتفعيل دورها.
4- تحديد الاحتياجات المجتمعية والسعي للوفاء بهذه الاحتياجات والتعامل معها.
5- توفير التمويل والدعم اللازم لأنشطة المسئولية المجتمعية.
6- إشراك مؤسسات المجتمع وتعزيز العلاقات معهم.
7- المتابعة المستمرة والتحقق من التقدم الحاصل وتقديم التغذية الراجعة.
المراجع:
حجازي، هناء شحات السيد. (2020). تصور مقترح لتفعيل المسئولية المجتمعية للجامعات المصرية: جامعة بنها نموذجاً، مجلة كلية التربية، جامعة كفر الشيخ، 209- 417.
المعايطة، رولا؛ الحموري، صالح. (2018). السعادة المجتمعية. قنديل للطباعة والنشر.
المنوفي، محمد إبراهيم. (2020). المسئولية المجتمعية: مفهومها وأبعادها: دراسة تحليلية، مجلة كلية التربية، جامعة كفر الشيخ، 267- 290.
النعيم، عبد الله العلي. (2010). دور القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية في تفعيل المسئولية الاجتماعية نماذج من المملكة العربية السعودية، مكتبة الملك فهد الوطنية.
Photo by Gary Barnes from Pexels
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *