مرشد سياحي
Ipsef

التربية الرقمية.. المهارات والجوانب

التربية الرقمية.. المهارات والجوانب
نبيلة المولد

نحن نعيش في خضم ثورة رقمية. عدد الموصولين بالإنترنت أكبر من أي وقت مضى، وهم يستعملون الأجهزة والخدمات الرقمية في العمل وفي جميع جوانب حياتهم.

 

 

 

وقد عزز ذلك إلى حد ما تطور النطاق العريض المتنقل، الذي يضمن كل يوم مشاركة المزيد من الناس في البلدان النامية في الاقتصاد الرقمي. كما انتشرت التكنولوجيات الجديدة طوال العقد الماضي ومنها الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وسلسلة كتل البيانات، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والتعلم الآلي، والتطبيقات المتنقلة، والتكنولوجيا النانوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها. وسوف يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير عميق في حياتنا اليومية طوال العقد المقبل، مما يغير بشكل جذري كيفية استهلاكنا وإنتاجنا وعملنا.

 

وفي ظل الانفجار العلمي المتزايد, والثورة النوعية الكبرى للمعلومات, وانتشار التقنية الحديثة بطريقة متسارعة, وما لها من فوائد لا تُنكر ومنافع لا تُجحد , مما جعل العالم الرقمي يتغلغل في مجال التربية والمهارات بشكلٍ متزايد، فقد أصبحت التكنولوجيا تُستَخدَم تدريجياً لتوصيل التربية والمعرفة والمهارات بطرقٍ جديدة ومبتكرة, لذا برزت حاجات لمهارات جديدة تسهم في  استخدام هذه التكنولوجيا في تحويل التعلم وتطوير المهارات إلى عملية تستمر مدى الحياة.

 

كل هذه التطورات أدت إلى تغير الدور المنوط بالتربية تتمثل في تنمية المهارات المعلوماتية لدى الطالب وتقديم الفرص الملائمة لاكتساب الخبرات اللازمة لتطوير مهارات الطلاب , وإتاحة الوصول للمعلومات من خلال أنشطة التعلم المدمجة في المنهج والتي تساعدهم على اكتساب ثقافة المعلومات وتطوير المهارات المعرفية في استرجاع وتحليل وتقويم المعلومات , ويساعد في تأسيس جيل رقمي مساهم في بناء مجتمع المعرفة.

 

وبرزت بشكل واضح دور التربية الرقمية  والتي تعرف بأنها مجموعة من القيم والمهارات والاعراف والمعارف وقواعد السلوك المتعلقة باستخدام والتعامل مع التكنولوجيات والرقميات الافتراضية المختلفة, مما يجعلها أداة جيدة لإنجاز المهمات والأنشطة التي يمارسها الإنسان على الجانب العملي والعلمي والاجتماعي , فهي حجر الأساس للمجتمع الرقمي المعاصر.

 

ومهارات العصر الرقمي والتي تتمثل في القدرة على استخدام التقنية الرقمية وأدوات الاتصال، والشبكات للوصول إلى المعلومات وإداراتها وتقويمها وإنتاجها للعمل في مجتمع المعرفة. كما تشمل مهارات الثقافة الأساسية والعلمية والاقتصادية والتقنية البصرية والمعلوماتية وفهم الثقافات المتعددة والوعي الكوني, والمعرفة  بمعايير أخلاقية وضوابط سلوكية تضبط آليات عمله واتجاهات تطوره.

 

حيث تعد هذه المهارات من مهارات القرن الحادي و العشرين وهي المهارات التي يحتاجها المتعلم في اعتماده على نفسه ومواكبة التطورات الحديثة ومواجهة التحديات؛ لكي يحقق المبادئ الأساسية الأربعة وهي التعلم ليعرف ويعمل ويعيش ويشارك الآخرين ويكون، ولإعداد أفراد قادرين على مواجهة التغيرات المتسارعة , وقادرين على الوصول إلى المعلومات واستخدامها بالشكل الأمثل، فأصبح الفرد يعيش في بيئة إعلامية يحتاج إلى مهارات معينة كي تهيئه للمستقبل المليء بالتقنيات المتعددة، وتمكنه من حل المشكلات التي تواجهه في حياته، وتعينه على التعامل مع الآخرين بشكل إيجابي وتتلخص المهارات في ثلاثة مجالات رئيسة هي : مهارات التعلم الإبداعي، ومهارات الثقافة الرقمية، ومهارات الحياة والمهنة, وتضم مهارات الثقافة الرقمية الآتي:

-الثقافة المعلوماتية والتي تعني إن الوصول للمعلومات بفاعلية وكفاءة وتقويمها واستخدامها بدقة وإبداع، يمثل بعض المهارات التي تحدد الثقافة الرقمية، ومن الضرورة بمكان توجيه الطلاب إلى فهم كيفية استخدام أنواع مختلفة من الوسائل لتوصيل الرسائل وكيفية اختيار المناسب من بينها.

 

-الثقافة الإعلامية والتي توفر مهارات تصميم ونقل الرسائل واختيار طرق التواصل لنشر الأعمال و مشاركتها مع طلاب آخرين؛ ثقافة إعلامية تبني وتعزز فهم دور الإعلام في المجتمع وتنمي المهارات الشخصية والتطوير الذاتي.

 

-الثقافة التقنية المعلومات والاتصال فعلى الرغم من تميز جيل عصر المعرفة بالتقنية إلا أنهم يحتاجون دائما إلى التوجيه حول الاستخدام الأفضل لتطبيق الأدوات الرقمية في مهام التعلم، وإلى تقويم مخاطر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فالطلاب سيستفيدون من نصائح وتوجيهات المعلمين.

 

وتتحدد جوانب التربية الرقمية في الآتي:

-الجانب المعرفي والذي يشتمل على كافة البيانات والمعلومات والمعارف , والمتعلقة بالتكنولوجيا وتقنيات المعلومات.

-الجانب المهاري الذي يشتمل على المهارات التكنولوجية التي يتمتع بها الأفراد , والتي يستطيعون من خلالها تنفيذ اعمالهم من خلال التكنولوجيا , ويكمن الدور هنا في تعليم النشء المهارات التي تساعدهم على التعايش في عالم تغزوه التكنولوجيا.

-الجانب السلوكي والذي يتضمن الأخلاقيات والقيم التي تمليها علينا ثقافتنا العربية , والتي يجب علينا أن نحولها إلى تطبيقات عملية عند التعامل مع الرقميات , ويكمن الدور هنا في ضبط السلوكيات للطلاب من خلال ما ينص عليه ميثاق الأخلاقيات الرقمية .

 

ولقد طورت جمعية أمناء المكتبات المدرسية مع جمعية الاتصالات التربوية والتقنية الأمريكية تسع أسس , أو معايير للتعلم , موجهة لطلاب المرحلتين الابتدائية والثانوية تحت عنوان ” قوة المعلومات: بناء شراكة للتعلم” ومن ثم تقسيم هذه المعايير التسعة إلى ثلاثة محاور كالتالي:

المحور الأول : الثقافة المعلوماتية، وتشمل عدة معايير منها:

-سماع الطالب المثقف معلوماتياً.

-يصل إلى المعلومات بكفاءة وفاعلية .

-يستخدم المعلومات بدقة وإبداع.

 

المحور الثاني : استقلالية المتعلم , وتشتمل المعايير التالية:

-إن الطالب الذي يعد متعلماً مستقلاً , هو الطالب المثقف معلوماتياً , والذي يتابع المعلومات المتعلقة باهتماماته الشخصية.

-الذي يقدر الأدبيات التعليمية , والصور الابتكارية, ويرها من جوانب المعلومات.

-الذي يبذل جهده للتميز في الحصول على المعلومات , وإنتاج المعرفة.

 

المحور الثالث: المسؤولية الاجتماعية , وتشمل المعايير التالي :

-إن الطالب الذي يسهم إيجابياً في التعليم وتجاه المجتمع , وهو الطالب المثقف معلوماتياً الذي يقر بأهمية المعلومات في المجتمع المعاصر .

-الذي يمارس سلوكاً اخلاقياً تجاه المعلومات , وتقنيات المعلومات.

-الذي يشارك بفاعلية في العمل الجماعي لمتابعة المعلومات وإنتاجه.

 

وبالتالي وفي ظل هذا التسارع المعرفي والرقمي, يتضح ضرورة تضمين مناهج التعليم بالتربية الرقمية، وتزويدها بأنشطة تعليمية، وتقويمية قائمة على المعرفة الرقمية، والمهارات الخاصة بها، والاتجاهات نحوها. فهذه المناهج تجعل المتعلم إنساناً يتعامل مع العالم الرقمي الذي أصبح شخصياً يختار منه ما يشاء، وتعدى حدود إمكانات تصور العقل البشري، بحيث لا يقلل انتماؤه إلى عصره انتماءه إلى وطنه، وبيئته، وثقافته.

 

لهذا يجب علينا أن نُقدم لأبنائنا تربية رقمية لكي نُربي بداخلهم القيم التي سوف تنمي تفكيرهم الناقد الواعي , وبالتالي تحصين لهم من الاختراق الثقافي، والمحافظة على هويتهم الإسلامية والعربية، فالأمم لا تقوم إلا بعقول مفكرة، وناقدة، ومبدعة، ومعلمين يسهمون في بناء هذه العقول باكتسابهم كفايات التربية الرقمية من خلال رسالة صادقة وجادة، يهدف كل معلم من ورائها إلى بناء جيل  مثقف مبدع صحيح العقيدة، ومتين الخلق، ومتفتح على الثقافات الأخرى.

 

المراجع:

البدراني، فاضل محمد. (2016). التربية الإعلامية والرقمية وتحقيق المجتمع المعرفي. مركز دراسات الوحدة العربية. 39( 452). 49 – 134.

الاتحاد الدولي للاتصالات. (2018). مجموعة أدوات المهارات الرقمية. متاح على الرابط :

https://www.itu.int/en/ITU-D/Digital-Inclusion/Documents/Digital-Skills-Toolkit_Arabic.pdf

حسن, أحمد جمال. (2015). التربية الإعلامية.  دار المعرفة.

الخنيني، محمد رمضان, أحمد، إيناس محمود حامد، وهدان، محمد شعبان محمد.(2019). أثر التربية الإعلامية الرقمية على التصفح الآمن للإنترنت لدى المراهقين. مجلة دراسات الطفولة. 22(85). 117-123.

الرحيوي, عبدالكريم.(2013). التربية الرقمية وتأهيل التعليم. مجلة علوم التربية . (57). 42-50.

يوسف، ريهام سامي حسين. (2019). مهارات التربية الاعلامية الرقمية لدي طلاب الجامعات: دراسة كيفية. المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال. (26).196-215 .

الزايدي، وايل .( ٢٠١٦ ) . تحليل محتوى كتب الرياضيات للمرحلة الثانوية في ضوء مهارات القرن الحادي العشرين [رسالة ماجستير, جامعة الإمام محمد بن سعود].

شرف, صبحي شعبان علي, والدمرداش, محمد السيد أحمد. (2014) معايير التربية على المواطنة الرقمية وتطبيقاتها في المناهج التدريسية. المؤتمر السنوي السادس بجامعة المنيوفة . 129-147.

شلبي، نوال. ( ٢٠١٤ ) .إطار مقترح لدمج مهارات القرن الحادي والعشرين في مناهج العلوم بالتعليم الاساسي في مصر. المجلة التربوية الدولية للاستشارات والتدريب.3(10). 1-33.

عبدالفتاح، عبدالفتاح صلاح. (2017). التربية الرقمية في مراكز مصادر التعلم ودورها في بناء مجتمع المعلومات وفق رؤية المملكة 203. المؤتمر الثامن: مؤسسات المعلومات في المملكة العربية السعودية ودورها في دعم اقتصاد ومجتمع المعرفة .المسؤليات . التحديات . الآليات . التطلعات. 1. 694 – 687.

كليمان, سارة غران. (2017). التعلم الرقمي  التربية والمهارات في العصر الرقمي. لمحةٌ عامةٌ حول الندوة الاستشارية المعنية بالتعلّم الرقميّ التي عُقِدَت كجزءٍ من برنامج معهد كورشام للقيادة الفكرية. لصالح مؤسسة RAND ومعهد كورشام.

المصري، فداء إبراهيم أحمد. (2020). التربية الرقمية الأسرية بين الواقع السائد والمأمول في ظل المجتمع العكاري. المجلة العلمية للتكنولوجيا وعلوم الإعاقة. 2(3). 81-112.

ملحم، أماني . ( ٢٠١٧). درجة توافر مهارات القرن الواحد والعشرين في مقرر التكنولوجيا للمرحلة الأساسية ودرجة امتلاك الطلبة لتلك المهارات من وجهة نظرهم [رسالة ماجستير ، جامعة النجاح الوطنية]. قاعدة بيانات في نظام ديس بيس. https://repository.najah.edu/handle/20.500.11888/13271?show=full

 

كتابة:

نبيله عاتق المولد

باحثة دكتوراه

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو