منظور أكاديمي لاستراتيجيات تعزيز السلوك في المدارس
يُعرف نظام التعليم النيوزيلندي بتركيزه على تطوير مهارات الطلاب ليس فقط على المستوى الأكاديمي، بل أيضاً في السلوك الاجتماعي والشخصي. إذ يسعى إلى تحقيق بيئة تعليمية شاملة تركز على تعزيز السلوك الإيجابي من خلال مجموعة من الاستراتيجيات التربوية والممارسات التعليمية المبتكرة. نستعرض في هذه المقالة للمجلة التربوية الإلكترونية، دور المنهج والممارسات التربوية المستندة إلى النظام النيوزيلندي في تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطلاب، مع تحليل للاستراتيجيات الداعمة للسلوك الإيجابي في المدارس، والتركيز على تأثير بيئات التعلم الداعمة، التعلم المشترك، وأهمية العلاقات الإيجابية بين الطلاب والمعلمين.
-أهمية المنهج النيوزيلندي في تعزيز السلوك الإيجابي:
يتميز المنهج النيوزيلندي بتنوعه وشموليته، حيث يركز على تطوير الطلاب كأفراد مستقلين وواعين بسلوكهم وتأثيرهم على الآخرين. حيث يشجع المنهج على التفكير التأملي، مما يعزز قدرة الطلاب على التفكير بعمق في تصرفاتهم وتعلمهم. يعكس هذا التركيز فلسفة التعليم النيوزيلندي التي تهدف إلى تزويد الطلاب بمهارات التفكير النقدي، والتي بدورها تساعدهم في تبني سلوكيات إيجابية ومسؤولة.
إضافةً إلى ذلك، يعزز النظام التعليمي في نيوزيلندا من توفير فرص كافية للتعلم، وهو أمر مهم في خلق بيئة تعليمية مرنة تمكن الطلاب من التعلم بطرق تتناسب مع احتياجاتهم وقدراتهم الفردية. النظام يشجع الطلاب على التعلم من تجاربهم الشخصية والتفكير في كيفية تحسين أدائهم الأكاديمي وسلوكهم، مما يعزز من استيعابهم للمسؤولية الشخصية.
-دور العلاقات الإيجابية في التعليم النيوزيلندي
يولي التعليم النيوزيلندي اهتمامًا كبيرًا للعلاقات الإيجابية بين الطلاب والمعلمين. يتضح من الاستراتيجيات المذكورة في الصورة أن العلاقات الجيدة تعد جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية. يؤكد التعليم النيوزيلندي على أن “تطوير توقّعات السلوك بشكل تعاوني” مع الطلاب يساهم في تعزيز الانضباط الذاتي وزيادة الالتزام بالسلوكيات الإيجابية.
من خلال هذه العلاقات الإيجابية، يحصل الطلاب على دعم مستمر من معلميهم وأقرانهم، مما يجعلهم يشعرون بأنهم جزء من مجتمع تعليمي يهتم بتطورهم الشخصي والاجتماعي. بناء هذه العلاقات يُعد أحد أبرز مقومات النجاح في التعليم النيوزيلندي، حيث يساعد الطلاب على النمو في بيئة تعلم تُعزز من القيم الاجتماعية والأخلاقية.
-الممارسات المدرسية في نيوزيلندا المتمثلة في دعم التعاون والانضباط:
التعلم في نيوزيلندا يعتمد على التعاون بشكل كبير كوسيلة لتطوير المهارات الاجتماعية وتعزيز السلوك الإيجابي. تتضمن الممارسات المدرسية مفهوم تسهيل التعلم المشترك، حيث يتم تشجيع الطلاب على العمل معاً لحل المشكلات وتبادل الأفكار. هذه الاستراتيجية تُعزز من التعاون بين الطلاب وتُعلمهم كيفية الاعتماد على بعضهم البعض، مما يسهم في بناء مجتمع مدرسي قائم على التعاون والدعم المتبادل.
تدعم البيئات التعليمية النيوزيلندية أيضًا فكرة استخدام التساؤلات المنطقية وحل المشكلات كأسلوب رئيس في العملية التعليمية. من خلال هذه الطريقة، يتعلم الطلاب كيف يكونون مستقلين في تفكيرهم وكيف يمكنهم إدارة صعوباتهم بطريقة إيجابية. هذه الاستراتيجيات تُسهم في تطوير الثقة بالنفس وتعزيز السلوكيات الإيجابية، إذ يتعلم الطلاب كيف يتعاملون مع التحديات بطرق بناءة.
-التغذية الراجعة الفعالة وأثرها على السلوك:
تعتبر التغذية الراجعة وسيلة مهمة لتعزيز السلوك الإيجابي وتحفيز الطلاب على تحسين أدائهم. وتتركز أهمية تقديم تغذية راجعة في عدالتها وموضوعيتها، إذ يهدف هذا النوع من التغذية إلى تحسين سلوك الطلاب وتوجيههم نحو السلوكيات الإيجابية. التغذية الراجعة الفعّالة تُستخدم ليس فقط لتصحيح الأخطاء، بل لتشجيع الطلاب على التفكير في كيفية التحسن في المستقبل.
-بيئات التعلم الداعمة مفتاح النجاح السلوكي:
تتمثل إحدى أبرز سمات التعليم النيوزيلندي في إنشاء بيئة تعلم داعمة، يتطلب خلق بيئة تعليمية مشجعة توفير دعم نفسي واجتماعي للطلاب، مع التأكيد على وجود مساحة للتعبير عن الذات والتعلم من الأخطاء. كما أن تشجيع المعلمين على تبني استراتيجيات تدعم تعلم الطلاب بشكل فردي يُعد جزءً لا يتجزأ من هذه البيئة، حيث يتم التركيز على تلبية احتياجات الطلاب بمختلف أنواعهم ومهاراتهم.
من خلال دعم الطلاب في إدارة تعلمهم، يتم تعليمهم كيفية تحديد أهدافهم التعليمية الشخصية والعمل على تحقيقها. هذا التوجه يسهم في تعزيز الاستقلالية لدى الطلاب ويجعلهم أكثر قدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة بخصوص سلوكهم وأدائهم الأكاديمي.
مما سبق، يمكننا القول بأن التعليم النيوزيلندي يسعى إلى تعزيز السلوك الإيجابي في المدارس بحيث يجعله جزءً لا يتجزأ من التجربة التعليمية الشاملة، وهو ما يلخص النموذج بالأسفل حيث يصف النظام التعليمي يركز على تطوير الطالب بشكل شامل، مع التأكيد على أهمية التفكير التأملي، التعاون، والتغذية الراجعة البناءة. كما تظهر الاستراتيجيات الموضحة دوراً مهماً في تعزيز هذه الأهداف، حيث تجمع بين منهج تعليمي متميز وممارسات تربوية فعالة تدعم السلوك الإيجابي في بيئة تعلم شاملة وداعمة.
Image by svklimkin from Pixabay
كتابة: عثمان محمد الشقيفي
باحث دكتوراه في الإدارة التربوية
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *