aisc
saudistem

النظرية السلوكية مالها وماعليها

النظرية السلوكية مالها وماعليها
منصور بن عامر البلادي

ظهرت نظريات التعلم في بداية القرن العشربن بهدف معرفة الطرق التي يمكن أن يتعلم من خلالها الإنسان، وقد بنيت نتائجها على تجارب ميدانية ومخبرية.

 

 

وأول هذه النظريات ظهور ما يعرف “بالنظرية السلوكية” حيث بدأت الظهور في عام 1912م في الولايات المتحدة الأمريكية، واهتمت بمعرفة وفهم السلوك الإنساني وعلاقته بعلم النفس.

تعتبر النظرية السلوكية من أهم الأسس التي تقوم عليها قواعد التعلم، فهي تعتمد على أساليب تستطيع من خلالها إحداث تعديل أو تغير في السلوك الإنساني، لذا شغلت النظرية السلوكية مكانة هامة في مطلع الستينات، وترى النظرية السلوكية أن الإنسان لا يتصف بالخير أو الشر إنما يولد بفطرته الطبيعية ومن ثم يبدأ في احتكاكه بالبيئة المحيطة به فيتعلم السلوكيات من خلالها.

 

رواد النظرية السلوكية :

من أهم روادها “بافلوف” الذي ولد عام 1849م، في روسيا، وتعرف نظريته باسم (الاشتراط البسيط) حيث اكتشف بافلوف المنعكسات الشرطية وأهميتها في سلوك كل من الحيوانات والإنسان، وقد أجرى تجاربه على الكلاب، حيث لاحظ أنّ الكلب يفرز اللعاب (استجابة طبيعية) عندما يقدم له الطعام (مثير طبيعي)، ثمَّ أضاف له صوت جرس (مثير محايد) قبل تقديم الطعام (مثير طبيعي)، بعد تكرار هذا الموقف، وجد أنّ الكلب يفرز اللعاب فور سماع صوت الجرس، دون أن يقدم الطعام. (الشرقاوي ، 2012م ، ص 33 ).

ويرى بافلوف أن عملية التعلم تردّ إلى القوانين الآتية:

1. الاقتران الزمني: يقصد به الاستجابة الشرطية لا تتكون الإ إذا اقترن تقديم المثير الشرطي بالمثير الطبيعي عدة المرات في نفس الشروط التجريبية، بعد ذلك يؤدي تقديم المثير الشرطي فقط إلى استثارة الاستجابة الشرطية (سيلان اللعاب).

2. الانطفاء: أي أن الاستجابة الشرطية تبدأ بالتناقص بعد إزالة المثير غير الشرطي (الطعام)، أي يبدأ الكلب بشكل تدريجي بعدم الاستجابة بحيث لا يفرز اللعاب عند سماع صوت الجرس وذلك على أثر عدم تقديم الطعام.

3. التعميم: ويقصد بها تكرار الاستجابة الشرطية عند تكرار مثير مشابه للمثير الأصلي (صوت الجرس).

4. التمييز: يمكن التفريق بين المثير الأصلي عن المثيرات المختلفة الأخرى ويستجيب له فقط دون غيره.

5. الاسترجاع التلقائي: إن انطفاء الاستجابة الشرطية نتيجة تقديم المثير الشرطي لفترة طويلة دون تعزيز بالمثير الطبيعي لا يكون نهائياً، فالاستجابة الشرطية تعود للظهور مرة ثانية إذا قدم المثير الشرطي مرة أخرى. (ناصف ، 1983 م ، ص 69-70 )

 

ومن ملهمي النظرية السلوكية والذي يعتبر المؤسس الحقيقي لها جون واطسون الذي ولد عام 1878م، إذ بدأ واطسون نشر بعض المقالات العلمية في المجلات النفسية، ثمَّ نشر كتابه الأول، السلوك وهو مدخل إلى علم النفس المقارن، الذي صدر عام 1934م.

وفي عام 1919 م نشر واطسون كتاب آخر بعنوان علم النفس من وجهة نظر السلوكي، وقد أجرى واطسون بعض التجارب التي أسهمت في ظهور العلاج السلوكي. ( الخطيب ، 2003م، ص 66-68)

 

ومن رواد النظرية السلوكية أيضاً  إدوارد ثورندايك الذي وُلدَ عام  1874م، ويعد من أوائل من أدخل التجريب على دراسة سلوك الحيوان، حيث وضع ثورندايك قطاً داخل قفص له باب صغير، وكان الباب يفتح عبر الضغط على قطعة معدنية داخل القفص، ووضع طبقا به طعام للقط خارج القفص، وكان القفص يتيح للقط إمكانية رؤية الطعام وشم رائحته، وكان الغاية هي أن يجد القط طريقة للخروج من القفص وتناول الطعام في البداية كان القط يجد صعوبة في فتح القفص، ويستغرق في ذلك وقتا طويلا، لكنه اكتشف الطريقة عبر كثير من المحاولات، ومع تكرار المحاولة أصبح قادرا على فتحه دون صعوبة من هنا توصل ثورندايك إلى نظرية المحاولة والخطأ. (الفلفي، 2012م، ص88-89).

 

ومن خلال التجارب التي أجراها ثورندايك خلص إلى أن عملية التعلم ترد إلى القوانين الآتية (ناصف، 1983 م، ص 35-39):

1. قانون الأثر: ينص هذا القانون على أن الرابطة بين المثير والاستجابة تزيد كلما كانت متبوعة بحالة رضا والعكس صحيح، فالحركات الناجحة تؤدي إلى الشعور بالرضى والارتياح والسرور، والحركات الخاطئة يصاحبها شعور بالضيق وعدم الارتياح؛ لذا نجد أن الشخص يكرر الحركات الناجحة، ويستبعد الحركات الخاطئة.

2. قانون الاستعداد: يركز هذا القانون على أن الكائن الحي إذا كان في حالة استعداد للقيام بسلوك معين، وقام بأدائه فهذا يؤدي إلى حالة من الرضا، أما إذا لم يقم به فهذا يؤدي إلى حالة من القلق وعدم الرضا.

3. قانون التكرار: يرى هذا القانون أن الرابطة بين المثير والاستجابة تقوى بالتكرار وتضعف بعدم التكرار.

 

ويعد فريدريك سكينر أحد رواد النظرية السلوكية، عاش بين عامي 1904 و1990م. من بين ما اشتهر به سكينر في علم النفس عامة وفي النظرية السلوكية خاصة: النظرية الشرطية الإجرائية. وإذا كان بافلوف قد ركز اهتمامه على العلاقة الكامنة بين المثير والاستجابة، فإن سكينر قد ركز على ما يحدث التعزيز في السلوك، فالتعلم من وجهة نظره يجب أن يهتم بشكل أساسي بالتعزيز، الذي يمنح إمكانية تدعيم السلوك . (قطامي، 2005م، ص 124).

 

ويرى سكنر أن الاشتراط الإجرائي أكثر تنوعاً وتبايناً وقد يأتي الكائن الحي باستجابات جديدة ليست من طبيعته أن يؤديها، وهذا عكس الاشتراط التقليدي عند بافلوف الذي يرى أن الكائن الحي لا يأتي الإ باستجابة واحدة فقط.

 

أسس النظرية السلوكية:

تقوم النظرية السلوكية على عدة أسس لعل من أهمها (عطية،2013م، ص 131-132):

– السلوك هو وحدة الدراسة في الأبحاث النفسية.

– جميع أنواع السلوك هي نتاج التعلم، والسلوك المضطرب يكون نتيجة تعلم خاطئ من البيئة.

– دور البيئة في تعلم السلوك أكبر من دور الوراثة.

– الاعتماد على أسلوب الملاحظة المباشرة في قياس السلوك.

-الاهتمام بنواتج السلوك الظاهر أكثر من العمليات العقلية الداخلية.

– السلوك يتشكل من ارتباطات بين المثيرات والاستجابات.

 

انعكاس النظرية السلوكية على المنهج:

لقد أثرت النظرية السلوكية بمبادئها وتجاربها على عملية التعلم والتعليم، فقد صيغت الأهداف بشكل سلوكي يسمح بقياسها ووصف الأداء المتوقع أن يقوم به الطالب بعد الانتهاء من درس أو وحدة تعليمية معينة، أما المحتوى فترى النظرية السلوكية أهمية التدرج فيه من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المعقد، ومن المحسوس إلى المجرد مع استخدام التعزيز والمتابعة لسلوك المتعلم.

كما ترى النظرية السلوكية أنّ أكثر الطرق فاعلية في التعلم الطريقة المباشرة والتعلم المبرمج، وأن يكون تقويم التعلم على أساس أداء السلوك.

 

المضامين التربوية للنظرية السلوكية:

هناك الكثير من أشكال التعلم المعروفة تم تعلمها عن طريقة النظرية السلوكية ومن الأمثلة على ذلك (الفلفي، 2012م، ص88-101):

أولاً: تعلم معنى الوقت وارتباطه بمعاني ودلالات جديدة.

ثانياً: تعلم الرموز الكتابية والأرقام.

ثالثاً: تعديل بعض السلوكيات غير المرغوبة لدى الأطفال باستخدام قانون الانطفاء مثل: سلوك قضم الأظافر.

رابعاً: مساعدة الطلاب في التخلص من القلق خلال القيام برحلات خارج المدرسة، والمشاركة في المسابقات والأنشطة المدرسية.

خامساً: مساعدة الطلاب في تكوين ارتباطات جديدة وتدعيم وتكرار ممارسة الارتباطات المرغوبة وتقويتها، وإهمال الارتباطات غير المرغوبة وإضعافها.

سادساً: استفادة المعلم من أساليب التعلم المبرمج في تعليم الطلاب؛ لأنه يسمح للطلاب بالعمل بالسرعة التي تناسبهم ويزودهم بالتغذية الراجعة الفورية.

سابعاً: تدريب الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة على بعض المهارات الجسدية والحركية عن طريق تجزئة السلوك إلى وحدات صغيرة يسهل تعلمها والتعامل معها.

 

النقد الموجه للنظرية السلوكية:

من النقد الذي وجه للنظرية السلوكية الآتي:

-تبسيط السلوك الإنساني بما لا يتناسب مع طبيعة الانسان.

-المبالغة في أثر البيئة وتجريد الإنسان من قدرته على التعامل مع البيئة والظروف المحيطة به.

-إهمال القيم والمعتقدات لدى الإنسان.

-إهمال الجانب الوجداني لدى الإنسان.

 

المراجع:

الخطيب، جمال (2003)، تعديل السلوك الإنساني، الكويت، مكتبة الفلاح.

الشرقاوي، أنور (2012)، التعلم نظريات وتطبيقات، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية.

عطية، محسن علي (2013)، المناهج الحديثة وطرق التدريس، الطبعة الأولى، دار المناهج، عمان.

الفلفي، هناء حسين (2012)، علم النفس التربوي، عمان، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع.

قطامي، يوسف (2005)، نظريات التعلم والتعليم، عمان، دار الفكر.

ناصف، مصطفى (1983)، نظريات التعلم، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

 

Photo by Artem Podrez from Pexels
 

 

منصور بن عامر البلادي

باحث في درجة الدكتوراه تخصص مناهج وطرق تدريس الرياضيات

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو

ltexpo