saudistem

التحول للكتب الرقمية في التعليم، هل هو الحل؟

التحول للكتب الرقمية في التعليم، هل هو الحل؟
كتابة: أ. لطيفة العجراء

قرأت مقالاً لأحد الكُتاب يتحدث عن أهمية التقنية في هذا العصر، وبدأ يذكر إيجابيات التعليم عن بعد وأثره على طلابنا، وسرد اقتراح لتطوير الكتب المدرسية الورقية وتحويلها إلى كتب إلكترونية على شكل دفعات إلى أن تصبح جميع الكتب إلكترونية، وصب تركيزه على أن هذا الأمر سوف يقلل الميزانية التي تنفق سنوياً على صنع الكتب الورقية، وأن طلابنا سوف يتأقلمون بسرعة مع هذه التقنية الحديثة.

 

أتفق مع الكاتب في  الفكرة العامة للمقال وهي تحويل الكتب المدرسية إلى إلكترونية، فمن الجميل أن أساليب ووسائل التعليم تتطور بتطور العصر، والانتقال من وسائل التعليم التقليدية إلى وسائل التعليم الحديثة، لنصبح مجتمعاً يواكب كل ما هو جديد وحديث،  لكن أخالفه الرأي في تحويل جميع الكتب إلى إلكترونية دون استثناء ، فمن الممكن تحويل عدد قليل من كتب  المواد الدراسية إلى كتب إلكترونية لكن ليس جميعها  أو تحويل أهم الدروس في الكتاب الواحد، فكما لفكرة  الكاتب إيجابيات إلا أن لها سلبيات تطغى على هذه الإيجابيات بشكل كبير.

 

 ستؤثر على أبناءنا، مستقبلنا، على المدى البعيد، لنفرض أن اقتراح الكاتب طُبق الآن، و وزعت الكتب الإلكترونية لجميع المواد، تخيل استخدام كل طالب في جميع المراحل من الابتدائية إلى الثانوية للأجهزة الإلكترونية بمعدل خمسة أيام في الأسبوع ولمدة خمس سنوات على سبيل المثال، بالإضافة إلى ظاهرة الإدمان على الأجهزة الإلكترونية المنتشرة الآن بين هذا الجيل بمختلف أنواعها، من هاتف محمول و العاب الكترونية وغيرها، أي جيل سننتج ؟!

 

فمن الناحية الصحية  سيؤدي ذلك إلى مشاكل في  الرقبة وآلام العمود الفقري، وضعف في البصر  ويرجع  كل ذلك في الأساس إلى الانحناء الدائم لمشاهدة الشاشة، ولعضلات اليدين والذراعين نصيب من هذه التأثيرات السلبية، حيث يمكن للمستخدم أن يصاب بمتلازمة النفق الرسغي، التي تحدث بسبب الضغط الزائد على العصب الوسيط عند قاعدة الرسغ، ويمكن للإفراط في استخدام هذه الأجهزة تقليل نشاط المستخدم والتسبب في السمنة ومضاعفاتها، و أيضاً من الممكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الشحنات الكهربائية في الجسم، وكما أكدت عدة دراسات ومنها دراسة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة الامريكية أن اشعاعات الأجهزة الإلكترونية تؤثر سلباً على الدماغ وقد تسبب أورام نسأل الله السلامة .

 ومن الناحية الفنية سننتج جيل يعتقد أن الإلكترونيات هي الأهم والخيار الأول له في كل شيء، فيقل اهتمامه بالأعمال والمواهب الفنية العملية مثل فن الخط والرسم وغيرها من الفنون الرائعة، بالإضافة إلى تخلينا عن المهارات اليدوية الأساسية للتعلم في المرحلة الابتدائية التي يتم فيها تشكيل المهارات.

 وأيضاً سننتج جيل لدية مشاكل اجتماعية فيصبح في عزلة، بحيث يؤدي استخدام الكتب الإلكترونية بشكل كامل في عملية التعليم إلى ضعف التواصل الاجتماعي بين الطلبة والاختلاط فيما بينهم، سيصبح تبادل الملاحظات والمحادثات الدراسية من خلال هذه الأجهزة الإلكترونية.

 

 ومن الناحية المادية فإن الأجهزة قابلة للتلف إذا كثر استخدامها وأن لكل جهاز عمر معين، بالتالي سيؤدي ذلك إلى خيارين إما أن تتكفل وزارة التعليم بالصيانة وتُعد قسم متكامل لصيانة أجهزة الكتب المدرسية يضم فنين ومبنى وغيره وهذا يحتاج ميزانية ضخمة، والخيار الثاني أن يتكفل بصيانة الجهاز أسرة الطالب، وهذا الخيار ليس مناسباً لجميع الأسر، فالعائلات تتفاوت في الحالة المادية فيجب مراعاة هذه الفروق، كذلك إن معظم البلدان المتطورة مازالت تستخدم السبورة والاقلام والكتب أما التقنية التعليمية فتهدف للمساندة.

 

نعم نحن نطمح للتغيير والتطور لأفضل بأقل جهد و وقت ومال، لكن كل الاقتراحات التي  تطرح في ميدان التعليم من الضروري جداً التعامل معها بدقة ودراستها وتحديد الإيجابيات والسلبيات على المدى البعيد بشكل سليم قبل أن تُطرح للملاء، فميدان التعليم ميدان حساس ، وأي اقتراح ينفذ  فيه يوثر على جيل بأكمله،  لذلك لابد أن يكون لدى الوزارة خطة مبنية على احتياجات المجتمع الحالي من أجل تهيئته للتعامل مع متغيرات العصر ودخول التقنية بشكل كبير، ولأن التعليم هو الذي يؤسس أبنائنا ويشكل شخصياتهم المستقبلية، فمن المهم جداً الحرص على تطويره بالشكل الصحيح والمناسب الذي يعود على مجتمعنا بالمنفعة  والفائدة.

 

Image from: pixabay.com

 

كتابة: أ. لطيفة العجراء

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المواضيع

قائمة المحررين

الأكثر تعليقاً

فيديو