قيمة تصميم الخدمات في قطاع التعليم
يوفر تصميم الخدمة إمكانية إيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات الحالية في تطوير الخدمات العامة، فعلى الرغم من أن التعليم قطاعُ خدماتٍ بالغ الأهمية، ولكن تنتج الخدمات التعليمية في معظم الأحوال بواسطة شبكات من عدة جهات فاعلة مؤسسية وفردية تعمل على عدة مستويات بعيدًا عن احتياجات الطلاب وحل مشكلاتهم الفعلية.
فيمكن توظيف تصميم الخدمة كنهج يكون فيه الطلاب هم التركيز الرئيس، ومن مزاياه رؤية متعمقة حقيقية للوضع الحالي لتجربة الطلاب؛ حيث يتمثل جزء أساس من هذا النهج في الوصول إلى الجزء الأدنى من تجربة الطالب المحسوسة – ما يحدث بالفعل مع الطلاب – إحباطاتهم وقلقهم وتحدياتهم وانتصاراتهم، بما في ذلك النجاحات ونقاط الألم، والاستفادة منهم بشأن الأساليب أو الخدمات الجديدة.
هذه الخطوة، خطتها دولة فنلندا التي تعرف بنظامها التعليمي المتميز عندما واجهت انخفاضًا في مستوى التعليم في القطاعين العام والخاص حيث عمدت إلى جعل التعليم نظام خدمة متعدد الأوجه، ووضع الطلاب في قلب عملية التصميم، حيث يصمم الطلاب تعليمهم وتعلمهم بالتعاون مع المعلمين، ويشارك المعلمون من ناحية أخرى في أنشطة التصميم مع الجهات الإدارية الفاعلة على المستوى المجتمعي والوطني.
وعلى مستوى الصف تتمثل تجربة المعلمة لـCerea McCurdy في مشروع “Spoonful of movies”، عندما شعرت بمشكلة اختلاف مستوى القراءة بين طلاب المرحلة الابتدائية في إسكتلندا، فالأطفال الذين نشأوا في مناطق غير محرومة يلتحقون إلى المدرسة بعد أن اختبروا أكثر من ألف ساعة من التواصل الجيد لمحو الأمية، في المقابل الأطفال الذين نشأوا في مناطق الحرمان لديهم عشر ساعات فقط من التواصل الجيد عند التحاقهم بالمدرسة، مما يعني أن اللغة والقراءة تعتبر غريبة جدًا بالنسبة لهؤلاء الطلاب عندما يذهبون إلى المدرسة لأول مرة، سعت المعلمة “مكوردي” إلى استخدام مهارات وأدوات تصميم الخدمة لدعم تنمية معرفة القراءة والكتابة، حيث أدارت ورش عمل مع الطلاب واستخدمت ملاحظاتهم لإنشاء أدوات ملموسة لتعليم القراءة والكتابة ورواية القصص المرئية داخل بيئة الفصل الدراسي.
يمكن تطبيق تصميم الخدمة على أي جانب من جوانب دورة حياة الطالب، كما يمكن تحديد المشكلات المستقبلية وحلول التصميم لمنعها من التطور إلى قضايا رئيسة في المقام الأول، فتصميم الخدمات يمكن أن تكون في تجربة المتعلم داخل بيئة الصف وتعالج بعض قضايا ومشكلات المدرسة مثل مشكلة التنمر، أو المواصلات، وغيرها.
وعلى مستوى التعليم العالي يمكن أن يكون تصميم الخدمة أداة قوية لإحداث التغيير التنظيمي، حيث تساعد على إعادة تصميم عروضها وعملياتها وتنظيمها، ومواءمتها وتحسينها لدعم رحلات الطلاب بشكل أفضل، وإعادة تصميم خدمات الطلاب كالإرشاد الوظيفي والأكاديمي لتكون أكثر سهولة وسلاسة واستجابة لاحتياجاتهم.
ومن أجل تقديم تجربة طلابية عالية الجودة، يجب فهم خبرات الطلاب وتوقعاتهم وإدارتها، حيث يتطلب التطبيق الناجح لتصميم الخدمة وتقنيات التحسين تعاونًا فعالًا. هذا التعاون ليس مطلوبًا فقط خلال مرحلة التواصل لاستكشاف المشكلات أو رسم مخطط الخدمة، ولكن أيضًا في تحديد استراتيجيات التحسين وتطوير أي عمليات مقترحة.
إن القيمة التي تقدمها الخدمات عالية الجودة المصممة مع الطلاب؛ تسهم في تجربة تميز المؤسسة التعليمية، وتحقق نتائج تفوق التوقعات فضلًا عن أنها تعزز علاقات طويلة الأمد.
Image from: freepik.com
كتابة: د. وفاء الأحمدي
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *