المناظرة اصطلاحاً هي فن الحوار أو النظر بالبصيرة والفكر المنطقي من جانبين أو فريقين متحاورين حول موضوع قابل للجدل والمناقشة من أجل الوصول إلى رؤية توافقية بعد تقديم الحجج وهي في النهاية فن يُقصد به الدفاع عن الرأي بالحجة الدامغة والبراهين الساطعة (إبراهيم فارس، 2009).

وعلى الرغم من أن لطريقة المناظرة أثر تعليمي جيد في مختلف أنواع العلوم والمعرفة، فإنه في مجال تعلم اللغة الأخرى تُعتبر المناظرة أسلوب تدريسي ناجع لتنمية قدرات الطلاب في المهارات الأساسية للغة وعلى رأسها مهارة التحدث بالإضافة إلى الاستماع والقراءة والكتابة.

تعتبر المناظرة نشاط تعليمي فعال لتطوير مهارات الطلاب الكلامية، لأنها توفر فرصة حقيقية للطلاب لممارسة مهارة التحدث حيث يقوم الطلاب من خلالها باستخدام أصناف لغوية مختلفة ويلجأون إلى مخزونهم اللغوي ويستخدمون أيضاً وسائل التواصل غير الكلامية كنبرة الصوت وتعابير الوجة وتغير الملامح في سبيل التعبير عن وجهة نظرهم وقناعاتهم.

ومما يعزز نجاح استخدام هذا الأسلوب في رفع قدرات الطلاب في مهارة التحدث هو معرفة الطلاب المسبقة بالموضوع وتحضيرهم لما سوف يتحدثون به مما يزيد ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم أكثر طلاقة أثناء الحديث (هارمر،2001). ويرى كريجر (2005) أن المناظرة مع التدريب المستمر أسهمت بشكل واضح في تطوير قدرات الطلاب في التحدث. وتعتبر المناظرة طريقة جيدة لإدماج الطلاب المتحفظين أو الممتنعين عن الكلام في غرفة الصف إما بسبب الخجل أو ضعف الحصيلة اللغوية حيث وجد ستوارت (2003) أن ٧٥٪؜ من طلابه غير المتحفزين والمتحفظين يعدون أسلوب المناظرة أحد الأنشطة المفضلة لديهم.

وتطوّر المناظرة أيضاً مهارة الاستماع لدى الطلبة حين يقوم الطلاب بالاستماع لأراء بعضهم البعض. وقبل القيام بإجراء المناظرة، يقوم الطلاب بمرحلة بحث وإسقصاء للمعلومات وتجميع للحجج والأدلة التي تدعم موقفهم في القضية النقاشية وبهذه الأنشطة فإن الطلاب يقومون بالاطلاع وممارسة مهارة القراءة. وتوفر المناظرة أيضاً فرصة لممارسة مهارة الكتابة عندما يقوم الطلبة بكتابة أفكارهم ومواقفهم حيث يتعلمون فيها طريقة ربط الأفكار وتسلسل النقاط في إطار علمي منظم.

وتعتبر المناظرة نشاط صفي فعال يدعم أسلوب التعلم النشط داخل غرفة الصف الدراسي بعيدًا عن أسلوب الإلقاء والمحاضرة التقليدي مما يجعل أسلوب المناظرة الطالب محورا فاعلاً في الموقف التعليمي من خلال ادماجه في سلسلة من المهام يباشر فيها المعرفة بنفسه ويقوم بعمليات عقلية كالتحليل والتفكير الناقد والمقارنة والتبرير من أجل دعم موقفه وتقوية حججه أثناء إجراء المناظرة مع الفريق المضاد.

 تنفيذ المناظرة كأحد الأنشطة الفعالة في دروس التحدث:

 لتنفيذ المناظرة داخل غرفة الصف لابد للمعلم /ة القيام بعدة إجراءات عبر مراحل مختلفة وذلك لضمان جودة المخرجات التعليمية المرجوة من إجراء هذا النشاط، وتشمل هذه المراحل ما يلي:

١/ مرحلة اختيار الموضوع:

في هذه المرحلة يقوم المعلم بتكليف طلابه بالبحث عن موضوع جدلي يكون محور النقاش والمناظرة ويمكن أن يقوم المعلم بهذة المهمة ويطرح على طلابه أكثر من موضوع ليقوموا بالتصويت والاختيار من بينها. وتتم صياغة موضوع المناقشة على هيئة سؤال أو عبارة تتطلب التعليق. وتختلف طبيعة هذه المواضيع فبعضها يدور حول القيم. وعلى سبيل المثال، الدول الغنية لابد أن تقوم بمساعدة الدول النامية أو الفقيرة. وقد تدور حول السياسات مثلا هل يجب على الدولة فرض ضرائب إضافية على استيراد الدخان؟ وقد يكون الموضوع يدور حول الحقائق، مثل هل الاحتباس الحراري هو مشكلة بالفعل؟.

 ٢/مرحلة تقسيم المهام:

 بعد اختيار الموضوع يتم تقسيم الطلاب إلى مجموعتين وإسناد موقف لكل مجموعة إما لتأييد العبارة أو الإجابة بنعم على هذا السؤال أو مضادة هذه العبارة والإجابة بـ “لا”.

٣/ مرحلة البحث:

في هذه المرحلة يقوم المعلم بإعطاء الطلاب في كلا الفريقين مدة زمنية كافية ليقوموا بعملية البحث والتعمق في الموضوع لجمع الأدلة لدعم مواقفهم ببراهين قوية وحجج واضحة ويمكن للطلاب الرجوع إلى مصادر المعلومات من دراسات وبحوث علمية أو مواقع إنترنت للقراءة والاطلاع، ولكي يتمكنوا من التعمق في الموضوع وفهم كافة الجوانب. ويمكنهم في هذه المرحلة الرجوع إلى المعلم للاستشارة وطلب المساعدة إما في تركيب الجمل أو في المحتوى المعرفي للمشاركة.

٤/ مرحلة التنفيذ:

وفي هذه المرحلة يقوم الطلبة بتنفيذ المناظرة وقد يأخذ التنفيذ أشكالًا مختلفة ومنها:

 ١/ قد يقوم المعلم بطرح موضوع النقاش ويطلب من الطلاب كتابة خمس نقاط تؤيد العبارة أو السؤال وخمس نقاط مضادة لذلك. وفي اليوم التالي يختار المعلم أحد الطلبة ليبدي رأيه حول هذا الموضوع ثم يقوم المعلم بسؤال طالب آخر ما إذا كان مؤيدًا أو معارضًا لرأي زميله.

٢/ قد يتم التنفيذ عن طريق تشكيل مجموعتين صغيرتين قد تصل إلى ٣-٤ طلاب في كل مجموعة وإسناد الموقف لهما وبعد مرحلة البحث يقوم الطلاب في هذين المجموعتين بطرح القضية النقاشية للحوار ويقوم كل فريق بتعيين طالب لافتتاح الحديث ويقوم المعلم بدور المنسق وإدارة الجلسة ويمثل بقية الطلاب الجمهور.

٣/ يمكن أن تُنفذ المناظرة عن طريق إشراك كافة الطلاب وذلك عن طريق تقسيم الفصل إلى فريقين ومن ثم إسناد موقف مؤيد أو معارض لكل فريق ويتم جلوسهم في طاولة واحدة للنقاش حول موضوع المناظرة (الأسمري، أحمد، 2013). ويتم تعيين طالب يقدم جلسة المناظرة ويقدم كل فريق حديث لافتتاح الحلقة ويُدير المعلم الحوار ويقوم بدور المنظم للجلسة وقد يسند هذه المهمة لأحد الطلاب.

 دور المعلم في نشاط المناظرة:

كما هو الحال في أسلوب التعلم النشط، فإن المعلم يقوم بدور الميسر للعملية التعليمية ومن ذلك يقوم المعلم بتزويد طلابه بالعبارات المفيدة التي تستخدم في النقاش على سبيل المثال العبارات التي تستخدم لتوضيح الرأي أو مضادة الرأي الآخر أو العبارات التي تستخدم لطلب المقاطعة أو التلخيص أو التأكيد على نقطة معينة. كما يشمل دور المعلم التوجيه وتقديم المساعدة في حين طلب أحد الطلاب المساعدة في تركيب الجمل أو ترتيب الأفكار.

  المراجع:

 إبراهيم احمد فارس محمد. نشاط المناظرات بوصفة نموذجًا حيًا لتطوير مهارة الكلام  و أثره في تطوير مهارات اللغة العربية  لدى الطلاب الوافدين بشعبة لغة القران  الناطقين لغير اللغة العربية، ورقة عمل مقدمة للجنة المؤتمر الدولي، سمارنج، 2009.

Alasmari, A. & Ahmed, S.S. (2013). Using debate in EFL classes. English Language Teaching, 6(1):147-152.

Harmer, J. (2001). The practice of English language teaching. 3rd ed. Harlow, England: Longman.

Krieger, Daniel. (2005). Teaching debate to ESL students: A six-class unit. The Internet TESL Journal, 11(2).

Stewart, T. (2003). Debate for ESOL students. TESOL Journal, 12(1), 9-15.