شهدت السنوات الأخيرة تطورًا هائلًا في العلوم والمعرفة، وخصوصًا في الميادين المتعلقة بالعلوم الطبيعية والتطبيقية، والعلوم الإنسانية بكافة فروعها. وفي ظل هذا التطور؛ كان من الطبيعي أن تتطور ميادين أخرى ذات علاقة ومرتبطة بالتعليم، ومنها التربية وتقنياتها، وهذا يتضمن تقنيات التعليم الحديثة التي استطاعت أن تصل لرياض الأطفال ودورها في التطوير، وهذا ما ستتطرق له هذه المقالة (العثمان، 2014).
إن التنامي المتصاعد للاتجاهات التربوية الحديثة ساهمت بشكلٍ كبير في تطوير المناهج التعليمية وطرق التعلم، وأسهمت في وضع الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، واستهدفت هذه الاتجاهات تغيير أساليب التعليم المتبعة قديمًا، الحث على الابتكار والذي من شأنه تحسين العملية التعليمية، استغلال وسائل الاتصال الحديثة والتقنيات المتوفرة في دعم العملية التعليمية، البحث عن المصادر المناسبة لتنمية وزيادة فعالية التعليم، بالإضافة الى التأكد من تأهيل المعلم لتقبل التغيير وتطويره وجعل كل هذه الجهود متسقة تمامًا مع تصميم العملية التعليمية ذات الأهداف المُحددة (الأحمدي، 2011).
يمكن تعريف تقنية التعليم اختصارًا على أنها عملية متكاملة مبنية على مصادر تعلم قد تكون بشرية أو غير بشرية، وتؤدي إلى تقديم وتطبيق العلوم بكافة أنواعها بأسلوب ومنهجية فريدة لتصل إلى المتعلم بأجود الطرق، وتؤدي بذلك أهدافها التعليمية بفعالية جيدة (دعمس، 2007، صفحة 1).
إن الأهداف الرئيسة لتقنيات التعليم في عملية التعليم والتعلم مهما اختلفت، ومن ضمنها في رياض الأطفال تصبو لتحقيق هدفين رئيسيين، وهما تحسين عملية التعليم والتعلم، بالإضافة إلى حل المشكلات المُرافقة لعملية التعليم والتعلم. وتحديدًا، يمكن القول أنّ تقنيات التعليم لها دور في تحقيق أهداف فرعية تندرج تحت الهدفين الرئيسيين، كتوفير الخبرات في مختلف المواقف، والتي تمت بصلة بالواقع، وتسهل بنفس الوقت تقديم ما لا يستطيع المعلم تقديمه في الفصول الدراسية، وتعمل كأنظمة لمحاكاة الخبرات المباشرة في حال عدم القدرة على الحصول عليها لأسباب تتعلق بصعوبة التنفيذ أو الخطورة المترتبة على ذلك؛ وهذا يعني أن الخبرات ستصبح في المتناول بصورة بسيطة وميسرة ليتعلم منها الأطفال (آل سالم، الصفحات 6-7).
ومن الأدوار التي تهدف تقنيات التعليم في إرسائها هي تحفيز الأطفال والطلبة على التفاعل مع المواد التعليمية المقدمة، وتشجيع التجربة، بالإضافة إلى تنمية حب الاكتشاف بدلًا من التلقين، وكسر الرتابة والملل في العملية التعليمية والشرود في التفكير خلال تواجدهم في الفصل.
تساهم تقنيات التعليم في التفريد، والتفريد هو أن يكون هناك مراعات لقدرات الطالب الخاصة، والتغلب على مشكلة الفروقات التي قد تحدث بينهم. وهذا أيضًا يشمل التفريد في مكان التعلم، أي أن الطالب يستطيع التعلم أينما كان، ولا يشترط أن يكون متواجد في مكان معين لأجل ذلك. وهذا يقودنا إلى أن بيئة التعلم مع تقنيات التعليم لا تعترف بالبُعد المكاني والفرق الزماني، أي أن هذا سيقلل الجهد والتكلفة على المدى البعيد (آل سالم، الصفحات 8-11).
وفيما يتعلق بأهمية تقنية التعليم بشكلٍ خاص لرياض الأطفال، فهي تساعد على التنمية المعرفية لهم وتجسيدها كما ذكرنا آنفًا، بالإضافة إلى التنمية اللغوية التي تعد هامة جدًا وتختلف اختلافًا كليًا في أهميتها عن المراحل الأخرى التي سوف يمر بها الطفل، كون أن المرحلة هذه تعتبر مرحلة الأساس، فالألعاب والحوارات قد تعزز من قدرة الطفل اللغوية وتساعده في تحقيق هذا الهدف (العثمان، 2014).
إن تأهيل المعلمة وتدريبها لممارسة تقنيات التعليم في مرحلة رياض الأطفال يعد أمرًا هامًا، حيث أن هذه المرحلة وكما أسلفنا تعتبر عصب العملية التربوية، ولهذا، فإن هناك عبئ كبير يقع على عاتق المعلمة. ولهذا، يجب أن تكون هناك بعض السمات الهامة، كأن يكون الشخص ملتزمًا بالمبادئ الأخلاقية للوظيفة، والثقة بالنفس والتحكم بالانفعالات والأحاسيس، وأن يكون مراعيًا لطلبته ومربيًا لهم، وأن يطور من نفسه ولا يقبل الثبات في المستوى دون تطويره (سليم و علي، 2011، صفحة 266). ويأتي موضوع التأهيل مكملًا لتقنيات التعليم، فبحسب دراسة سليم و علي (2011، صفحة 302) أنه “مهما توفرت إمكانيات متعددة من أبنية ومستلزمات التعليم وغيرها فلا تكفي وحدها في إكتساب الطفل المهارات والخبرات مالم توجد معلمة تتمتع بخصائص معينة قادرة على إيصال المعلومات للطفل ومن ثم إكتسابه للخبرات“.
وبهذا، يتضح أن لتقنيات التعليم دورًا كبيرًا في العملية التعليمية للمرحلة الخاصة برياض الأطفال، وليس ذلك فحسب، بل كافة المراحل التعليمية التي تليها باعتبار أن رياض الأطفال أساسًا ونواة يجب الاعتناء بها من أجل بناء جيل قادر على استيعاب العلوم بطرق أخرى مختلفة عن الطرق التقليدية المبنية على التلقين.
المصادر المُستخدمة
الهنوف العثمان. (28 نوفمبر, 2014). حاجة إعداد معلمة رياض اطفال. تم الاسترداد من تقنيات التعليم: http://1k31.blogspot.ae/2014/11/blog-post_28.html
أمل داود سليم، و رحاب حسين علي. (2011). خصائص معلمة الروضة وعلاقتها باكتساب الطفل للخبرات. مجلة البحوث التربوية والنفسية(31)، 262-307. تم الاسترداد من http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=32440
أميمة الأحمدي. (2011). تقنيات التعليم و الوسائط التعليمية – نظرة مستقبلية للتقنيات التربوية. تم الاسترداد من تعلم لتصل Learn2Earn: https://sites.google.com/site/modernteachingstrategies/educational-media
محمد يحيى آل سالم. (بلا تاريخ). تقنيات التعليم كأحد مرتكزات الجودة والاعتماد. تم الاسترداد من جامعة جازان: http://deanships.jazanu.edu.sa/eld/Documents/learning-technique.pdf
مصطفى نمر دعمس. (2007). تكنولوجيا التعليم ومصادر التعلم فيها. تم الاسترداد من جامعة بابل – العراق
1 تعليق
1 التعليق
وفاء الضويحي
يوليو 3, 2020, 9:19 ممقال رائع أستمتعت بمعرفة أهمية تقنيات التعليم في مرحلة رياض الاطفال شكراً للكاتبة الاستاذة نورة
الرد