“انظر للصورة كاملة”، عبارة تحمل الكثير من الأهمية والقدرة على تغيير الأمور بصورة شاملة إذا سخّر الجميع جهودهم تجاه هدف ما بطريقة مركّزة ومدروسة. قبل أن تتمكن من البدء في تطوير التفكير بالصورة الكبيرة، يجب أن تحدد أولاً ماذا يقصد بمفهوم ” التفكير بالصورة الكبيرة “. إنَّ مسؤولياتك ومقدار القوة أو التأثير الذي تمارسه في مؤسستك هي من يحدد، إلى حد كبير، مدى تأثيرك على “الصورة الكبيرة”.
بإيجاز، التفكير بالصورة الكبيرة ليس فقط للقادة والمديرين التنفيذيين في المؤسسة. أنت أيضًا، أينما كنت في التسلسل الهرمي للمنظومة، يمكنك تطوير مهارات التفكير الاستراتيجي التي ستمكنك دائمًا من استشراف “الصورة الكبيرة” بوضوح. ولذلك فإن حجم التوقعات منك سيكون أكبر إذا كنت جزءًا من القيادة العليا لأنك في موقع يخول لك اتخاذ القرارات ووضع الخطط للمؤسسة بأكملها.
تنمية وصقل التفكير الاستراتيجي
هناك عناصر حاسمة من شأنها أن تساعد في تطوير التفكير الاستراتيجي. إذا كنت تريد أن تكون مفكرًا استراتيجيًا يفكر بالصورة الكبيرة، فإليك بعض هذه العناصر المهمة التي يجب وضعها دائما في الاعتبار.
1. افهم منظمتك
لماذا توجد مؤسستك؟ وما هي أهدافها الأساسية؟ ما الذي يحدد قيم وثقافة هذه المؤسسة؟ من هم “عملاؤك”، وما الذي بإمكانك أن تقدمه لهم والذي يميزك عن المنافسين؟ ما هي رؤيتك كمؤسسة، وما هي أولوياتك الإستراتيجية؟ أجب عن هذه الأسئلة المهمة لفهم مؤسستك بشكل أفضل.
بمجرد أن تفعل ذلك، اطرح السؤال المهم للغاية حول ما الذي يمكنك، في حدود مسؤولياتك، أن تساهم فيه لتحقيق هذه الأهداف. من خلال فهمك للطريقة التي يمكنك أنت وفريقك المساهمة بها في الصورة الأكبر للمؤسسة، ستتمكن من تطوير خطة عمل وتحديد أولوياتك المهنية لتعزيز رؤية المؤسسة.
2. كن على اطلاع على ما يحدث من حولك
احرص دائمًا على أن تكون على اطلاع دائم بما يحدث في مؤسستك. هل تقوم بالتطوير والاستعداد لإطلاق منتجات جديدة؟ هل الاستراتيجيات التي تستخدمها حاليًا تساعدك على تحقيق الأهداف؟ ابق على اطلاع على الاتجاهات الحديثة في مجال عملك. اكتشف ما يفعله اللاعبون الآخرون وكيف أثر ذلك على أعمالهم. ابق على اطلاع دائم بما يمكن أن تتمتع به من ميزة تنافسية تميزك عن المؤسسات الأخرى في مجال عملك. من خلال التعرف على واقعك الحالي، يمكنك التوصل إلى استراتيجيات محددة ستأخذك إلى المكان الذي تريد أن تكون فيه في المستقبل.
3. انظر فيما وراء القرارات
كل قرار، كبير أو صغير، له تأثير أو نتيجة. يدعوك التفكير بالصورة الكبيرة إلى التفكير فيما هو أبعد من مجرد ما تعنيه هذه القرارات على المدى القصير، بل في آثارها في الأشهر، وحتى السنوات اللاحقة. يمكن أن يساعدك هذا النوع من التفكير إذا كنت دائمًا تضع في اعتبارك حقيقة أن قرارًا واحدًا يمكن أن يخلق تأثيرًا مضاعفًا وعواقب بعيدة المدى.
4. نظم أفكارك
أنت بحاجة إلى التأكد من أن لديك المساحة الذهنية لاستيعاب كل أفكارك ذات الصورة الكبيرة. هذا يعني التخلي عن التفاصيل الصغيرة التي لا تضيف مباشرة إلى منظور الصورة الكبيرة. إذا واصلت التركيز على التفاصيل الهامشية، فسوف ينتهي بك الأمر إلى إنفاق الكثير من وقتك وقوتك العقلية في تحليل هذه التفاصيل على حساب التفاصيل المهمة. أنت في حاجة إلى إزالة هذه الأشياء بوعي من تركيزك اليومي.
قد تكون لديك بعض الافتراضات والتصورات حول موضوع ما والتي تحد من تفكيرك بشكل كبير. إذا قمت بتصفية ذهنك من هذه التصورات والافتراضات وبذلت جهدا واعيا لإبعادها فإنك ستهيئ عقلك لرؤية “الصورة الكبيرة”
5. تعرف على وجهات نظر الآخرين
كن منفتح الذهن واستمع إلى آراء الآخرين. يشمل الآخرون، في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر، زملاؤك في الفريق، وعملاء ومسؤولي المؤسسة. هل هناك حاجة لا تلبيها للعميل النهائي؟ هل هناك مخاوف أو تحفظات لدى عملائك ومساهميك؟ انظر إلى الصورة الأكبر من خلال التفكير وفقًا للخطوط العريضة لتلبية هذه الاحتياجات ومعالجة أي خلل.
6. استفد من أفكار الآخرين
اعلم أنه لا توجد طريقة واحدة للقيام بشيء ما، وكن منفتحا على عالم مليء بالعديد من الخيارات. اكتشف كيف يتعامل الآخرون في مجالك مع مسألة معينة، وفكر في كيفية تطبيق المعارف الأخرى في سياق عملك. التفكير الاستراتيجي يبحث عن أفضل الحلول. إذا وجدت أن أساليبهم وإجراءاتهم ناجحة، فالحق بالركب وفكر أيضًا في تحسين الأمر بطريقة شمولية وجعله أكثر كفاءة.
7. تعلم من كل تجربة
هناك درس في كل تجربة. ما هي السلبيات الكامنة التي جعلت إستراتيجية معينة ناجحة؟ يمكنك أيضًا تحليل كل فشل ومعرفة ما يمكنك فعله، إن وجد، لتتجنب حدوثه في المستقبل. تميل معظم السيناريوهات إلى تكرار نفسها. اقض وقتًا في تحليل كلٍّ من هذه الأمور، وستكون مستعدًا بشكل أفضل للتعامل معها عندما تظهر مرة أخرى.
8. ضع في اعتبارك “الإجابة السهلة”
في بعض الأحيان، لا يكون الأمر بذلك التعقيد، ولا تحتاج إلى الإفراط في التفكير، قبل أن تمضي ساعات في التفكير ومحاولة التوصل إلى حل معقد، استرخِ وفكر أولاً في أبسط إجابة وأكثرها وضوحًا. الحل، في معظم الأوقات، أبسط مما تتخيل. مثل هذه الحلول بالعادة تكون سهلة التنفيذ ولا تتطلب الكثير من التكاليف. توفير الوقت والجهد والتكاليف بهذه الطريقة سيفيد مؤسستك ويؤثر إيجابا في “الصورة الكبيرة”.
9. خصص وقتًا لـ “المساحة البيضاء” في جدولك اعمالك
ستكون دائمًا مشغولا بعمل ما، وكلما انتهيت من عمل، بدأت الاهتمام بالفقرة التالية في جدول أعمالك. قد يكون كل هذا منهكا لدرجة أنه لا يترك لك وقتًا للجلوس وتخيل “الصورة الأكبر” بكامل محيطها. استقطع جزءا من وقتك وخصصه للتفكير. الأفضل أن تختار الأوقات التي يكون فيها عقلك أكثر وضوحًا وإبداعًا. سوف تكتشف أن ساعة واحدة فقط من التفكير المكثف والمركّز الخالي من المشتتات يمكن أن تساعدك وتساعد منظومتك على الابتكار.
10. مارس الألعاب الاستراتيجية
هناك مجموعة كبيرة من الألعاب الإستراتيجية التي يمكن أن تكون ساحة تدريب مثالية لك. فكر في لعبة الشطرنج وكيف مع كل حركة يكون عقلك دائمًا مشغولا بنهاية اللعبة أو “الصورة الأكبر”. إنها ممارسة عقلية ممتازة، وسيكون من الأسهل عليك ممارسة نفس التفكير الاستراتيجي لسيناريوهات الحياة الواقعية حيث تكون المخاطر حقيقية.
خلاصة القول
لتطوير التفكير الاستراتيجي الذي سيجعل “الصورة الأكبر” موضع تركيز، تحتاج إلى استخلاص الدروس من الأحداث الماضية، وأن تكون على دراية كاملة بما يحدث من حولك، وأن تبقي عقلك يقظا حول ما تتخيله لمستقبلك. تحتاج أيضًا إلى تصفية ذهنك، وتخصيص وقت للتفكير، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حتى لو كان ذلك في العالم الافتراضي.
ترجمة: هاشم علي الصعب
المصدر:
https://www.asaporg.com/big-picture-thinking-thinking-more-strategically
Image by Gerd Altmann from Pixabay
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *