تعد مرحلة التعليم الأساسي (الابتدائي) من أهم مراحل حياة الطفل، فهي فترة نموه وتكوينه من جميع النواحي الشخصية والعقلية والاجتماعية.
وتعد أساس تكوين الطفل في المراحل اللاحقة. من هنا أكد معظم التربويين على أهمية هذه المرحلة، منهم فروبل الذي عد هذه المرحلة بأنها أحد أهم الخطوات لتنمية وتطوير شخصية الطفل إذ تعمل من خلال خبراتها ونشاطاتها ومهاراتها على نموه النمو السليم والمتكامل.
ولطالما كان المعلم في هذه المرحلة هو العنصر الأهم في العملية التعليمية التعلمية، فهذا يتطلب إعداده الإعداد الجيد وإمداده بكل ما هو جديد في الميدان التربوي، فالمعلم الناجح هو الذي يستجيب للتطور، من هنا أيضاً أتت أهمية التنوع في استخدام استراتيجيات التعليم والتعلم أصبح مطلباً تعليمياً ينبغي مراعاته، لأن التعلم الصحيح يقتضي أن يكون الطفل يقظاً ويفكّر في كل الاتجاهات داخل غرفة النشاط وخارجها، لذلك لا بُدّ من تجريب استراتيجيّات تدريس حديثة علّها تسهم بشكل فعّال في تحقيق الأهداف المرجوة، خاصة بعدما أثبتت معظم استراتيجيات وطرائق التدريس الحديثة فاعليتها وكفاءتها في إكساب الأطفال الخبرات والمهارات اللازمة ومن أهم هذه الاستراتيجيات: استراتيجيات التعلم النشط.
إذاً ما هو التعلم النشط؟ وماهي استراتيجياته التي يستخدمها المعلم في الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الأساسي؟
التعلم النشط (Active learning): هو التعلم الذي يجعل المتعلم محور المواقف، بحيث يستثمر قدراته العقلية والحركية وما يمتلكه من دوافع ليكون مشاركاً فعالاً في العملية التعليمية (الحيلة، 2000، ص 440).
استراتيجيات التعلم النشط: (Active learning strategies) تعرفها (اليونسكو، 2015) بأنها: الأساليب والممارسات التربوية التي تهدف إلى تفعيل دور المتعلم، وذلك من خلال الممارسة والعمل والتجريب، حيث يعتمد على ذاته في اكتساب المعارف والمعلومات والمهارات وتكوين القيم والاتجاهات.
أهم استراتيجيات التعلم النشط التي يستخدمها المعلم داخل غرفة الصف:
أولاً: استراتيجية التعلم التعاوني (Collaborative Learning Strategy)
مفهوم استراتيجية التعلم التعاوني: تعرف بأنها: إحدى استراتيجيات التدريس التي تضع الأطفال في مجموعات ذات مستويات مختلفة ومتفاوتة من القدرات. (Artzt & Newman, 1990, P448). فهي إحدى طرائق التَّعلُّم القائمة على العمل في مجموعات صغيرة، بحيث يصبح كلّ فرد مسؤولاً عن نجاح أو فشل المجموعة لذا يسعى كلّ فرد إلى التَّعاون مع باقي أفراد المجموعة من أجل تحقيق هدف مشترك ليس على مستوى الجماعة فقط ولكن على المستوى الفرديّ أيضاً.
أسس التعلم التعاوني:
من أهم الأسس التي يرتكز عليها التعلم التعاوني ما يلي:
1. الاعتماد الإيجابي المتبادل: يعطى فيه الأطفال مهام واضحة وأهداف محددة، بحيث يترتب على ذلك نجاحهم أو إخفاقهم، ويمكن بناء الاعتماد المتبادل عندما يدرك أعضاء المجموعة أنهم مرتبطون ببعضهم البعض، بطريقة لا يستطيع أن ينجح فيها أحد أعضاء المجموعة إلا إذا نجحت المجموعة بكاملها.
2. المسؤولية الفردية والجماعية: المجموعة هي المسؤولة عن تحقيق أهدافها فكل فرد في المجموعة مسؤول عن القيام بواجباته، بحيث تصبح المجموعة قادرة على تحقيق أهدافها، وتقدير التفاعل الإيجابي لكل فرد من أفرادها، وهنا يتوجب على المعلم أن يعطي كل مجموعة عمل معين. (سيد والجمل، 2012، ص258).
ثانياً: استراتيجية لعب الأدوار: (Role Playing Strategy)
مفهوم استراتيجية لعب الأدوار:
لعب الأدوار من أنواع اللعب التي تساعد الطفل على اكتساب السلوكيات الاجتماعية المرغوبة سواء كانت تحمل مشاعر إيجابية أم سلبية، وذلك من خلال قيامه بتمثيل أدوار الأشخاص المحيطين به والأشياء التي يحبها سواء أسرته أم أصدقائه أم المهن التي يقوم بدورها، وبالتالي تعمل على مرور الطفل بخبرات ومواقف حياتية يختبرها الطفل واقعياً ويشعر بالفرح والحزن والغضب وغيرها من المشاعر التي تستدعي الموقف ، ويقصد باستراتيجية لعب الأدوار التمثيل التلقائي للعلاقات الإنسانية وتهدف إلى إضفاء مزيد من الواقعية على المواقف التعليمية، وهي مأخوذة من الاستخدام المسرحي القائم على لعب الأدوار (playing roles).
خطوات استراتيجية لعب الأدوار:
حدد جويس وويلز (6) خطوات لتطبيق استراتيجية لعب الأدوار على النحو الآتي:
1-تهيئة الأطفال وتحميسهم عن طريق تقديم المشكلة وشرح جوانبها وشرح كیفیة القیام بالأدوار لتحقيق الفكرة المطلوبة.
2-تحلیل الأدوار وتحديد الأطفال الذين سيقومون بهذه الأدوار دون الدخول في تفاصيل ما سيؤديه الطفل في دوره.
3-تهیئة المكان أو المسرح وأماكن جلوس بقبة الأطفال وعملية تنقل القائمين بالأدوار وتحديد دور الأطفال المشاهدين من حیث الأشیاء التي سيهتمون بها ويرصدونها.
4-یحق للمعلّم بعد البدء الفعلي للموقف التعليمي بإيقاف الموقف مؤقتاً أو بتقسيمه إلى عدة مواقف بالاتفاق مع الأطفال.
5-المناقشة والتقويم لأدوار الأطفال مع التركيز على الجوانب المهمة.
6-التوصل للمعارف والخبرات وتعميمها (,1986,p15 Wells،).
ثالثاً: استراتيجية التعلم باللعب: (Play learning strategy)
مفهوم استراتيجية التعلم باللعب:
يعرف اللعب بأنه نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية ويحقق في نفس الوقت المتعة والتسلية كما يعرفه (Taylor) بأنه: هو أنفاس الحياة بالنسبة لذات الطفل، فاللعب بالنسبة للطفل كالاستكشاف والتعبير عن الذات والترويح (Taylor, 1967,p 91).
فاستراتيجية التعلم باللعب هي استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية، وهي من أبرز الاستراتيجيات التدريسية التي تراعى سيكولوجية الأطفال فمن خلالها يصبح للطفل دور ايجابي يتميز بكونه عنصر نشط وفعال داخل غرفة النشاط، حيث يتميز هذا الأسلوب بالتفاعل بين المعلمة والأطفال خلال العملية التعليمية وذلك من خلال أنشطة وألعاب تعليمية ثم إعدادها بطريقة عملية منظمة، حيث تعد الألعاب التعليمية إحدى مداخل التدريس الرئيسة التي تهتم بنشاط التعلم وإيجابياته وبتنمية شخصيته تنمية شاملة في مختلف الجوانب لأنها تعنى بتجسيد المفاهيم المجردة (أسعد، 2017، ص 173).
مزايا استراتيجية التعلم باللعب:
الألعاب التربوية والتدريبية هي أحد أهم وسائل نقل واستيعاب المعلومة وغرس السلوك المطلوب، وتغيير الاتجاهات، والسبب في ذلك هو تميزها بعدة خصائص مقارنة بالوسائل الأخرى ومنها:
أ. مخاطبتها لأكثر من حاسة لدى الإنسان، ففي حين تعتمد المحاضرات التقليدية على حاسة السمع لنقل المعلومة ففي الألعاب التعليمية تشترك عدة حواس منها الشم والتذوق.
ب. الألعاب عملية ممتعة للأطفال تثير مرحهم، وتكسر الملل الذي يصاحب الدروس التقليدية.
ج. الألعاب هي أقرب أسلوب تعلم يحاكي الواقع، فالسلوك الصادر من الطفل خلال اللعب يعكس السلوك الأكثر احتمالا بأن يقوم به في الواقع الميداني.
د. الألعاب تعكس الجدية والتحضير، واجتهاده في توصيل المعلومة وغرس السلوك المطلوب بشتى الوسائل (الخضر، 2007، ص 12).
ختاماً، إن المعلم هو حجر الزاوية في الغرفة الصفية ويجب عليه أن يسعى بكل معارفه ومداركه ومهاراته للعمل على إيصال الفكرة للطفل وتحقيق الهدف الرئيس من العملية التعليمية التعلمية، كما يجب على الجهات الحكومية دعم المعلم بكافة المستلزمات والوسائل وإقامة الدورات التدريبية بالإضافة إلى تقليل عدد الأطفال في الغرف الصفية ليتناسب مع تطبيق خطوات استراتيجيات التعلم النشط.
المراجع:
أسعد، فرح. (2017). استراتيجيات التعلم النشط. عمان. دار ابن النفيس للنشر والتوزيع.
-الحيلة، محمد محمود. (2000). الألعاب التربوية وتقنيات إنتاجها. عمان. دار المسيرة.
– الخضر، عثمان حمود (2007). الألعاب التربوية، الكويت. الإبداع الفكرية للنشر والتوزيع.
– سيد، أسامة. الجمل، عباس. (2015). أساليب التعلم والتعليم النشط، مصر. دار العلم والإيمان للنشر. 219.
––ARTZT, A. AND NEWMAN. (1990). How to Use Cooperative Learning in the athematics Class, Reston. VA: National Council of Teachers of Mathematics, 129p Mathematics Class, Reston. VA: National Council of Teachers of Mathematics, 129p,
– Tylor, K. (1967). Parents and child learn together. Teacher college press, Lumbia University. N.y.
– Wells, j. (1986). Using Drama in Instruction, http:// www.almadrasa.com.
Image from: freepik.com
كتابة: د. هديل إبراهيم
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *