نحو قيادة حازمة
يقول د. إدريس أوهلال في كتابه إضاءات في القيادة:
” إذا كنا طيبين سحقنا الماكرون، وإذا استخدمنا أساليب الماكرين للانتصار عليهم كان لانتصارنا طعم الهزيمة، نحتاج إذن إلى قيادة حازمة“.
فماهي القيادة الحازمة؟ ولماذا نحتاجها؟ وكيف تكون قائداً حازما؟؟
الحزم لفظ يدل على القوة ويدخل في معناه حسن التصرف واتخاذ المواقف الواضحة بقوة وصرامة. والحازم هو الشخص الذي يضبط الأمور بعزم ومن غير تردد، الشديد في الرأي.
أما القيادة الحازمة فهي التي تحافظ على تفكير واضح ومنطقي رغم كل المتاعب، وتبحث عن الحقيقة وتمسك بها بكل إصرار مهما كلف الأمر، وتثبت في الأزمات بكل صبر، وقادرة على اتخاذ القرارات الصائبة والرشيدة.
مبررات القيادة الحازمة:
برر العديد من الباحثين والكتّاب الحاجة إلى هذا الأسلوب القيادي بعدد من الافتراضات، ومن هذه التبريرات ما ذكره ماكريجر وماكموري وليكرت:
-أن بعض العاملين لا ينفع معهم أسلوب الشدة ولا أسلوب اللين، والأسلوب الأفضل للتعامل معهم هو الوسط بينهما. وهذا الأسلوب هو أسلوب الحزم.
-أن تحقيق التوازن بين أهداف المنظمة وأهداف العاملين يتطلب وجود قيادة حازمة وصارمة.
-بعض الأفراد من البيروقراطيين لا يتحملون المسئولية، ولا يخضعون للنظام، وبالتالي فإن القيادة التشاركية لا تلائمهم. وهذا يستدعي الحزم في التعامل معهم.
-يواجه سلوك الفرد عدداً من العوامل التي تتغير من وقت لآخر، مما يستدعي مرونة الأسلوب القيادي تبعاً لذلك.
-أن العلاقات الإنسانية وحدها لا يمكن أن تحقق السعادة والرضا والتفاهم بين العاملين، وإنما يتطلب الأمر في بعض الأحيان شيئا من الحزم. (القحطاني, 2008)
والجدير بالذكر أنه لا يقصد بالإدارة الحازمة السيطرة على الآخرين وإلقاء الأوامر؛ بل هي القدرة على التعامل مع المرؤوسين بأسلوب يخلق فيهم روح التجاوب والاحترام والشعور بالرضا والحرص على تحقيق الأهداف. والحازمون قادة مميزون بقدرتهم على توحيد الإرادات نحو غاية موحدة، وجمع المتخاصمين خلف راية واحدة، يتخذون القرارات بقوة ومسئولية ولديهم أخلاق نبيلة وكاريزما عالية جداً. (أوهلال، 2019)
وعند مراجعة أنماط القيادة الإسلامية نجد أن هناك عدة نماذج للقيادة كالقيادة اللينة، والقيادة الحازمة، والقيادة المستبدة وغيرها، ونجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أبرز القادة اللذين تبنو نمط القيادة الحازمة في حياته وأثناء خلافته. وكان أسلوبه يقوم على الشدة في غير عنف، واللين في غير ضعف.
ومن أهم ما تميزت به القيادة العمرية (قيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه) البدء بالنفس في كل الأعمال، والقدرة على الاجتهاد في الرأي والحزم عند اتخاذ القرارات، والحساسية للمشكلات والقدرة على ابتكار الحلول الممكنة، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، والجهر بالرأي، والانفتاح على الآخرين، والعدل والمساوة، والمحاسبة الذاتية وأخذ النفس بالشدة. (القحطاني, 2008)
كيف تكون قائدا حازماً؟
أورد Kohn & O’Connell عدد من الممارسات التي تجعل منك شخصا حازما:
-التعبير بشفافية ووضوح عن الكيفية التي عليها مشاعرنا.
-النقد بصورة حيادية وتقبل النقد أيضا بالصورة نفسها.
-اتخاذ قرار فيما يتعلق بالشيء الذي نرغب فيه.
-التأكد من أن هذا القرار عادل.
-السؤال بوضوح وفهم (أي طلب تنفيذ القرار).
-الالتزام بحالة من الهدوء والسلامة النفسية.
-عدم الخوف من القيام بالمبادرات.
وختاماً:
إن الله تعالى قد من على وطننا بقيادة حكيمة حازمة تسعى للعدل والمساواة بين كافة أفراد المجتمع، وترعى حقوق مواطنيها وحقوق جيرانها تحت قيادة التغيير والإصلاح والتطوير. نسأل الله عز وجل أن يديم مجد الوطن وعز قيادته ورخاء مواطنيه..
المراجع:
أوهلال، إدريس. (2016). اضاءات القيادات. مجموعة الأكاديميات الدولية: الرباط.
أوهلال، إدريس. (2019). قواعد الحزم دليلك إلى القيادة الحازمة. مجموعة الأكاديميات الدولية: الرباط
القحطاني، سالم بن سعيد. (2008). القيادة الإدارية التحول نحو نموذج القيادي العالمي. ط 2. مكتبة الملك فهد للنشر: الرياض.
هريدي، حسام (2017). ممارسات قوية لفرق عمل قوية. المجموعة العربية: القاهرة.
كتابة: زهور أحمد أبوزهير
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *