فقد تم إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات والانتقال إلى التدريس الطارئ عن بعد لتجاوز هذه المرحلة وإكمال سير العملية التعليمية، ويقصد بالتدريس الطارئ عن بعد “تحوُّلٍ مؤقَّت من التعليم الحضوريّ المباشر إلى وضعٍ بديل نتيجة الظروف التي فرضَتها الأزمة التي نمر بها” (Hodges et al ,2020)

والتدريس الطارئ عن بعد كان متفاوت التأثير، تبعا لمهارات التدريس عن بعد التي يمتلكها المعلمين، وتبعا للفئة العمرية للطلاب، ومدى تقبل أولياء الأمور لهذا النمط من التعليم، وأيضا لطبيعة المادة الدراسية المقدمة، فالمواد ذات الطبيعة النظرية وطريقة تقديمها تختلف عن المواد التي تعتمد على التجارب العملية كالكيمياء والمهارات العملية لمادة الحاسب الآلي، وفي هذا المقال سيتم التركيز على مادة الحاسب الآلي.

فمادة الحاسب الآلي ذات طبيعة مختلفة عن غيرها من المواد، حيث جانب المهارات العملية يشكل نسبة كبيرة من المحتوى، ولكي يتم التدريس والتدريب على هذه المهارات وإتقانها من قبل الطلاب فإنه يتطلب التعامل مع برامج تعتمد على أجهزة الحاسب المحمولة والمكتبية المتوفرة في معامل الحاسب المدرسية، فمتابعة تقدم الطالب وإتقانه للمهارة يستوجب متابعته بشكل مباشر من قبل المعلم من خلال بطاقة الملاحظة وهي ما يصعب العمل عليها خلال التعليم عن بعد.

وبالنظر إلى واقع حياة الطلاب مع هذا التحول الطارئ، نجد أن نسبة كبيرة من الطلاب لا يملكون أجهزة حاسب محمولة، حيث أن اعتمادهم الكلي أصبح على الأجهزة الذكية من هواتف وأجهزة لوحية لمواصلة العملية التعليمية، بل إن الكثير من البرامج التي يتم التوصية عليها لتقديم التعليم عن بعد كانت عبارة عن تطبيقات ملائمة للأجهزة الذكية لسهولة الوصول إليها والتعامل معها.

ومن خلال تجربتي كمعلمة لمادة الحاسب الآلي للمرحلتين المتوسطة والثانوية، واجهتني هذه المشكلة عند تدريس مهارات البرمجة بلغة الفيجوال بيسك، ومهارات تصميم المواقع، فجميعها برامج لا تتوافق مع الأجهزة الذكية، وهذه المشكلة ليست بالبسيطة، فعدم توافق البرامج يعني عدم تقديم المهارة العملية بالشكل الصحيح، وبالتالي عدم التحقق من إتقان الطلاب لهذه المهارات.

ولكن يمكن البحث عن حلول مؤقتة تتماشي مع التدريس الطارئ عن بعد لكي يسهل متابعة الطالب وإتقانه للمهارات العملية، ويمكن توضيحها بالتالي:

الانتقال إلى تطبيقات تتماشى مع التدريبات العملية على الأجهزة الذكية، أو البرامج على شبكة الإنترنت:

هذه إحدى الحلول ولكنها لا تتماشي مع الكثير من البرامج المطلوبة، ولكنها مجدية مع التطبيقات المكتبية كمعالج النصوص والجداول الحسابية والعروض التقديمية لشركة مايكروسوفت، وقد كان هناك تفاعل وتجاوب جيد من الطالبات عكس التوقعات من خلال عملي كمعلمة، ولكن قد تواجهنا مشكلة عدم توفر مساحة في أجهزة الطالبات، ولكن تم حلها مع البعض بالانتقال إلى التطبيقات على شبكة الإنترنت كمستندات جوجل.

أما بالنسبة للمهارات البرمجية البحث عن تطبيقات برمجية يمكن تثبيتها على الأجهزة الذكية، أو استخدام البرامج الجاهزة على شبكة الإنترنت (Compiler)، فتدريس مهارات البرمجة عمليا تحتاج إلى توافق البرنامج المستخدم من قبل المعلم والطلاب، لاسيما مع طلاب يدرسوا البرمجة لأول مرة.

الاعتماد على استراتيجية الفصل المقلوب في شرح الجانب العملي:

يقصد باستراتيجية الفصل المقلوب كما هو مذكور في الدليل المساند في تدريس المهارات العملية لمقررات الحاسب وتقنية المعلومات بأنها:” استراتيجية تعليمية تعتمد على تزويد المتعلمين بمادة تعليمية حول الدرس كمقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط، للاطلاع عليها في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس. في حين يُخصص وقت الدرس للمناقشات والمشاريع والأنشطة”(2020، فقرة 1)

ويمكن الاعتماد على هذه الاستراتيجية في تدريس التدريبات العملية، حتى يتم الاستفادة من وقت الحصة الأصلي في مناقشة المشكلات التي تصادف الطلاب خلال تدريبهم، ويمكن أيضا إعطاء تدريب عملي وقت الحصة لمتابعة مدى إلمام الطلاب للمهارات التي أرسلت لهم سابقا.

واجبات منزلية عملية:

إن تقديم مهام منزلية عبارة عن تطبيق عملي متقدم نوعا ما للطالب هو حل جيد لمشكلة تقييم إتقان الطالب للمهارة، فعن طريق الفصل المقلوب وتطبيق المهارة وقت الحصة، والعمل عليها كتكليف منزلي أسبوعي يساعد بشكل كبير في إتقان الطالب للمهارة.

ربط المهارات بالمواد الدراسية الأخرى لاسيما في التطبيقات المكتبية:

إن الربط بين المواد الدراسية من أكثر ما يعمق المعرفة والخبرة لدى الطلاب، وبالتعاون بين معلمي المواد الأخرى، حيث يطلب من الطالب كتابة وتسليم واجبات إحدى المواد الدراسية عن طريق برنامج على الجهاز الذكي، ويتوجب هنا ذكر أن تكون بالتنسيق بين المعلمين، بحيث في كل أسبوع مادة واحدة يطبقها عمليا في حل الواجب بدلا من الحل في الكتاب، وليس في كل المواد مما يجعل العملية التعليمية عبئا على الطالب مما يقلل من تقبل الطالب للمواد الدراسية.

التوسع في شرح الخوارزميات لإتقان المهارات البرمجية:

الجانب الخوارزمي المضمن بالمحتوى هو قليل بالنسبة لإتقان وإلمام الطالب بالمفاهيم البرمجية، فالتوسع في شرح الخوارزميات يساعد بشكل كبير في شرح المهارات البرمجية عن بعد لاسيما لطلاب هم حديثي عهد بالبرمجة.

وبالطبع قد توجد حلول أكثر مما ذكر، وهي ما تستدعي معلم الحاسب للبحث عن أفضل ما يمكن لتقديم المادة العلمية، فالتحدي الذي يواجه معلم الحاسب ليس بالسهل في تدريس مهارات الحاسب عن بعد في ضوء هذه الجائحة والظروف.

المراجع:

– الدليل المساند في تدريس المهارات العملية لمقررات الحاسب الآلي وتقنية المعلومات للمرحلتين المتوسطة والثانوية (2020م). استراتيجيات مقترحة لتدريس الجانب العملي.

https://2u.pw/Ve41H

– هودجز،هارلز، مور، ستيفاني،  لوكي، بارب،  ترست، توري، و بوند، أرون.(2020 أبريل). الفرق بين التدريس الطارئ عن بُعْد والتعليم عبر الإنترنت (جميلة حسن، مترجم).

https://mana.net/6546

العمل الأصلي:

–Hodges, C., Moore, S., Lockee, B., Trust, T., & Bond, A.(2020, March). The Difference Between Emergency Remote Teaching and Online Learning.

https://er.educause.edu/articles/2020/3/the-difference-between-emergency-remote-teaching-and-online-learning

كتابة: بشاير الحربي